الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومتى زاد ) العقد ( على الجائز ) [ ص: 306 ] من أربعة أشهر ، أو عشر سنين مثلا ( فقولا تفريق الصفقة ) فيصح في الجائز ، ويبطل فيما زاد عليه ، ويشكل عليه أن نحو ناظر الوقف لو زاد على المدة الجائزة بلا عذر بطل في الكل إلا أن يفرق بأن المغلب هنا النظر لحقن الدماء ، وللمصلحة التي اقتضت جواز الهدنة على خلاف الأصل فروعي ذلك ما أمكن ( وإطلاق العقد ) عن ذكر المدة في غير نحو النساء لما مر ( يفسده ) لاقتضائه التأييد الممتنع ، ويفرق بين هذا ، وتنزيل الأمان المطلق على أربعة أشهر بأن المفسدة هنا أخطر لتشبثهم بعقد يشبه عقد الجزية

                                                                                                                              ( وكذا شرط فاسد ) اقترن بالعقد فيفسده أيضا ( على الصحيح بأن ) أي : كأن ( شرط ) فيه ( منع فك أسرانا ) منهم ( أو ترك ما ) استولوا عليه ( لنا ) الصادق بأحدنا ، بل الذي يظهر أن ما للذمي كذلك ( لهم ) الصادق بأحدهم بل الذي يظهر أيضا أن شرط تركه لذمي ، أو مسلم كذلك ، أو رد مسلم أسير أفلت منهم ، أو سكناهم الحجاز ، أو إظهارهم الخمر بدارنا ، أو أن نبعث لهم من جاءنا منهم لا التخلية بينهم وبينه ، ويأتي شرط رد مسلمة تأتينا منهم ( أو ) فعلت ( لتعقد لهم ذمة بدون دينار ) لكل واحد ( أو ) لأجل أن ( يدفع ) ، ويجوز جره عطفا على دون ( مال ) منا ، وهل مثله الاختصاص قضية نظائره نعم إلا أن يفرق ( إليهم ) لمنافاة ذلك كله لعزة الإسلام نعم إن اضطررنا لبذل مال لفداء أسرى يعذبونهم ، أو لإحاطتهم بنا ، وخوف استئصالنا وجب بذله ، ولا يملكونه لفساد العقد حينئذ

                                                                                                                              وقولهم : يسن فك الأسرى محله في غير المعذبين إذا أمن قتلهم ، وقال شارح الندب للآحاد ، والوجوب على الإمام ، وفيه نظر ، ومر قبيل فصل يكره غزو ما يعلم منه أن محل ذلك إن لم يتوقع خلاصهم منهم بقتال ، ولو على ندور ، وإلا وجب عينا على كل من توقعه ، وقدر عليه ، وإن لم يعذبوهم فالحاصل أن من عجزنا عن خلاصه إن عذب لزم الإمام من بيت المال فداؤه ، وإلا سن ، وهل يجب على كل موسر بما مر في شراء الماء في التيمم فداء المعذب ؛ لأنه أولى من شراء الماء ، أو لا ؛ لأن هذا إنما يخاطب به الإمام فقط ، أو يفرق بين قلة الفداء ، وكثرته عرفا كل محتمل [ ص: 307 ] ، والأقرب الأول حيث غلب على ظنه خلاصه بما يبذله فيه فاضلا عما تقرر ، ويفرق بين ما تقرر من إيجاب خلاصه بقتال مطلقا بخلافه بالمال بأن في القتال عزا للإسلام بخلاف بذل المال فلم يجب إلا عند الضرورة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 306 ] قوله الصادق ) هذا تركيب عجيب ؛ لأنه إن جعله وصفا لقوله : لنا فالجار ، والمجرور أي : المجموع ليس هو الصادق ، أو للمجرور لزم ، وصف الضمير ، وكذا يقال : في أمثال ذلك كقوله الآتي آنفا الصادق بأحدهم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من أربعة ) إلى قوله : ويشكل في المغني ، وإلى قوله : فالحاصل في النهاية إلا قوله : منا إلى المتن ، وقوله : مر إلى محل ذلك ( قوله : من أربعة أشهر ) أي : في حال قوتنا ، أو عشر سنين أي : في حال ضعفنا ا هـ . مغني ( قوله : مثلا ) أي : أو دون العشر ، وفوق أربعة أشهر ( قوله : على المدة الجائزة ) أي : كثلاث سنين شرط الواقف أن لا يؤجر الموقوف بأكثر منها ، وقوله : بلا عذر أي : كالاحتياج إلى العمارة ، ولم يوجد من يستأجر إلا بأكثر منها

                                                                                                                              ( قوله : في غير نحو النساء ) أي : من الصبيان ، والمجانين ، والخناثى ، والمال ا هـ . ع ش ( قوله : لما مر ) أي : قبيل قول المتن ، ولضعف ( قوله : بين هذا ) أي : إطلاق عقد الهدنة ( قوله : لتشبثهم ) أي : تعلقهم بعقد يشبه عقد الجزية لعل وجه الشبه أن عقد الهدنة لا يكون من الآحاد ، ويشترط لصحته أن يكون لمصلحة ا هـ . ع ش ( قوله : استولوا عليه ) أفاد به أن ما لنا بفتح اللام ، وهو أعم من المال لشموله نحو الاختصاص ، والوقف ، ويجوز كسرها أيضا ا هـ . ع ش أي : كما جرى عليه المغني

                                                                                                                              ( قوله : الصادق إلخ ) هذا تركيب عجيب ؛ لأنه إن جعل وصفا لقوله : لنا فالجار ، والمجرور أي : المجموع ليس هو الصادق أو للمجرور لزم وصف الضمير ، وكذا يقال : في أمثال ذلك كقوله : الآتي آنفا الصادق بأحدهم ا هـ . سم ( أقول ) ، والظاهر الأول ، وتوصيف المجموع بوصف بعض أجزائه مجازا شائع ، ويأتي جواب آخر ( قوله : بل الذي يظهر إلخ ) عبارة المغني قال الزركشي بحثا ، أو مال ذمي ا هـ . ( قوله : أن ما للذمي كذلك ) خلافا للأسنى عبارته ، وخرج بالمسلم أي : الأسير ، وماله الكافر ، وماله ، فيجوز شرط تركهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الصادق ) صفة لترك مالهم ، وقوله : بأحدهم أي : بالترك لأحدهم ( قوله : إن شرط تركه ) أي : ترك مالنا ، أو للذمي ( قوله : أو رد مسلم ) بالرفع عطفا على منع فك ، وقوله : أفلت نعت ثان لمسلم ، وفي البجيرمي عن الشوبري قال في النهاية : انفلت ، والإفلات ، والانفلات التخلص من الشيء فجأة من غير تمكن ا هـ . وفي الصحاح أفلت الشيء ، وتفلت ، وانفلت بمعنى ، وأفلته غيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو سكناهم الحجاز ) ، أو دخولهم الحرم مغني وشيخ الإسلام ( قوله : ويأتي ) أي : في المتن عن قريب ( قوله : أو فعلت ) أي : الهدنة انظر لم لم يقدر عقدت ( قوله : لأجل إلخ ) أشار به إلى أنه معطوف على تعقد ، وقال المغني : أو لتعقد لهم ذمة ، ويدفع مال إليهم ، ولم تدع ضرورة إليه فهو معطوف على بدون ا هـ . ( قوله : ويجوز جره إلخ ) ويرسم بالباء الموحدة دون الياء المثناة من تحت ا هـ . ع ش ولا يخفى أن مثله يتوقف على النقل

                                                                                                                              ( قوله : لمنافاة ) إلى قوله : وفيه نظر في المغني ( قوله : وخوف استئصالنا ) ينبغي ، أو خوف استيلائهم على بلاد لنا ( قوله : وجب بذله ) أي : من بيت المال إن وجد فيه شيء ، وإلا فمن مياسير المسلمين ، وينبغي أن محل ذلك إذا لم يكن للمأسور مال ، وإلا قدم على بيت المال ا هـ . ع ش ( قوله : وقال شارح إلخ ) وهذا أولى ا هـ . مغني ( قوله : ما يعلم إلخ ) فاعل مر ( قوله : أن محل ذلك ) أي : بذل المال لهم لفداء الأسرى ( قوله : إذا لم نتوقع خلاصهم إلخ ) أي : كأن استقر الأسرى ببلادهم ؛ لأن فكهم قهرا حينئذ يترتب عليه ما لا يطاق ا هـ . نهاية ( قوله : وإلا وجب إلخ ) عبارة النهاية أما إذا أسرت طائفة مسلما ، ومروا به على المسلمين المكافئين ، فيجب مبادرتهم إلى فكه بكل وجه ممكن ؛ إذ لا عذر لهم في تركه حينئذ ا هـ . أي : ، وإن توقف الفك على بذل مال وجب على الترتيب الذي قدمناه ع ش

                                                                                                                              ( قوله : بما مر في شراء الماء إلخ ) عبارته هناك ، ويتجه في المقيم [ ص: 307 ] اعتبار الفضل عن يوم ، وليلة كالفطرة ا هـ . ( قوله : الأول ) أي : الوجوب على كل موسر إلخ ( قوله : عما تقرر ) أي : عن مؤنة يوم ، وليلة ( قوله : مطلقا ) أي : عذب أم لا




                                                                                                                              الخدمات العلمية