الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وله ) أي المعصوم بل عليه ( أكل آدمي ميت ) محترم إذا لم يجد ميتة غيره ولو مغلظة ؛ لأن حرمة الحي أعظم ومن ثم لو كانت ميتة نبي امتنع الأكل منها قطعا وكذا ميتة مسلم والمضطر ذمي وظاهر كلامهما أنهما حيث اتحدا إسلاما وعصمة لم ينظر لأفضلية الميت وقياسه أنهما لو اتحدا نبوة لم ينظر لذلك أيضا ويتصور في عيسى والخضر صلى الله على نبينا وعليهما وسلم وهذا غير محتاج إليه إذ النبي لا يتقيد برأي غيره

                                                                                                                              وإذا جاز أكله حرم نحو طبخه أي إن كان محترما كما بحثه الأذرعي وقيد شارح ذلك بما إذا أمكن أكله نيئا ويؤيده تعليلهم باندفاع الضرر بدون نحو الطبخ والشي ( و ) له بل عليه ( قتل ) مهدر ( نحو مرتد وحربي ) [ ص: 393 ] وزان محصن ومحارب وتارك صلاة بشرطه ومن له عليه قود من غير إذن الإمام للضرورة ومن هذا يعلم أن هؤلاء لو كانوا مضطرين لم يجب على أحد بذل الطعام لهم ( لا ذمي ومستأمن ) لعصمتهما ( وصبي حربي ) وامرأة حربية لحرمة قتلهما

                                                                                                                              ( قلت الأصح حل قتل الصبي والمرأة الحربيين ) كذا الخنثى والمجنون ورقيقهم ( للأكل والله أعلم ) لعدم عصمتهم وحرمة قتلهم إنما هي لحق الغانمين ومن ثم لم تجب فيه كفارة وبحث البلقيني أن محله ما لم يستول عليهم وإلا حرم لأنهم صاروا أرقاء معصومين للغانمين وبحث ابن عبد السلام حرمة قتل صبي حربي مع وجود حربي بالغ وليس لوالد قتل ولده للأكل ولا للسيد قتل قنه قال ابن الرفعة إلا أن يكون القن ذميا كالحربي وفيه نظر ظاهر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله إذا لم يجد ميتة غيره ) فإن وجد ميتة غيره حرم وإن لم يكن مسلما حيث كان معصوما ولم يبين ما لو وجد ميتة مسلم وميتة ذمي ( قوله : ومن ثم لو كانت ميتة نبي إلخ ) بحث بعضهم أن ميتة الشهيد كذلك لأنه حي فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : وهذا غير محتاج إليه ) لكن إذا قلنا به فيتجه تفصيل وفاقا لبعض مشايخنا وهو امتناع ميتة نبينامحمد صلى الله عليه وسلم على غيره من سائر الأنبياء وجواز أكل ميتة غيره من سائرهم وأما ما عداه فينبغي أكل الأفضل ميتة المفضول دون العكس فإن تساويا ففيه نظر ويتجه الجواز ؛ لأن حرمة الحي أعظم بل يتجه الجواز أيضا عند التفاوت ؛ لأن المفضول الحي أحق بالاحترام من الأفضل الميت ( قوله : حرم نحو طبخه ) عبارة الروض ولا يطبخه أي الميت المسلم بل الميت المحترم كما في شرحه ويتخير في غيره أي بين أكله نيئا ومطبوخا أو مشويا ( قوله : قتل مهدر ) لم يقيده بعدم وجود غيرهم ويتجه التقييد بمن يمتنع قتله بغير إذن الإمام ( قوله : قتل مهدر نحو مرتد وحربي إلخ ) يحتمل أن الأمر كذلك وإن وجد ميتة غير آدمي أخذا من قوله السابق وأخرى لا تحل أي كآدمي غير محترم فيما يظهر تخير لأنه إذا جاز أكل ميتة غير المحترم مع وجود ميتة أخرى فليجز قتله وأكله مع وجود غيره ويحتمل [ ص: 393 ] تقييده بما إذا لم يوجد ميتة غيره ويفرق بين مجرد أكله الميتة غير المحرم وبين قتله لأكله ويحتمل أن يفصل بين من يجوز قتله بغير إذن الإمام كالحربي فيجوز قتله وأكله وإن وجد ميتة غير الآدمي ومن لا يجوز قتله بغير إذن الإمام فيمتنع فيه ذلك مع وجود ما ذكر نعم إن أذن الإمام صار كمن يجوز قتله بغير إذنه ( قوله : وتارك صلاة إلخ ) الوجه أن محله إذا لم يكن المضطر مثله .

                                                                                                                              ( قوله : حل قتل الصبي إلخ ) قال في شرح الروض إذا لم يجد غيرهم ( قوله إلا أن يكون القن ذميا ) قال ؛ لأن حقن دمه إنما هو لأجل حق السيد في ماليته حتى لا يضيع .

                                                                                                                              ( قوله : وفيه نظر ظاهر ) وذلك لأنا لا نسلم أن حقن الدم لذلك فقط وإلا لم يلزمه كفارة بقتله فوجوبها يدل على أن عصمته ليست لمجرد حق السيد ولو صح ما قاله لزم عدم عصمة قن الغير فيقتله ويغرم قيمته كما يأكل طعام الغير وكلامهم كالصريح في امتناع ذلك



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : محترم ) إلى قوله وظاهر كلامهم في المغني ( قوله : إذا لم يجد ميتة غيره ) فإن وجد ميتة غيره حرم وإن لم يكن مسلما حيث كان معصوما ولم يبين ما لو وجد ميتة مسلم وميتة ذمي ا هـ سم أقول لنا وجه ، أنه لا يجوز أكل الميت المسلم ولو كان المضطر مسلما كما نبه عليه المغني وقد يؤخذ من ذلك الوجه ، أنه يمتنع أكل ميتة مسلم مع وجود ميتة ذمي إذ صاحب القول الراجح لا يقطع نظره عن القول المرجوح ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل النظر للاحترام عبارة النهاية والمغني نعم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لو كانت ميتة نبي إلخ ) بحث بعضهم ، أن ميتة الشهيد كذلك ؛ لأنه حي فليتأمل سم و ع ش ( قوله : امتنع الأكل منها إلخ ) ولو لمثله خلافا لبعضهم م ر ع ش وانظر لو كان المضطر أشرف كأن كان رسولا والميت نبي ا هـ بجيرمي وسيأتي عن سم ما يتعلق به بزيادة تفصيل ( قوله : إنهما إلخ ) أي الميت والمضطر ( قوله وعصمته ) احتراز عن نحو تارك صلاة ( قوله : لأفضلية الميت ) أي بنحو العلم ( قوله : وقياسه إلخ ) خلافا للنهاية ( قوله ويتصور في عيسى والخضر إلخ ) أي إذا مات أحدهما دون الآخر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وهذا غير محتاج إليه إلخ ) لكن إذا قلنا به فيتجه تفصيل وفاقا لبعض مشايخنا وهو امتناع ميتة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على غيره من سائر الأنبياء وجواز أكله ميتة غيره من سائرهم وأما ما عداه فينبغي أكل الأفضل ميتة المفضول دون العكس فإن تساويا ففيه نظر ويتجه الجواز ؛ لأن حرمة الحي أعظم بل يتجه الجواز أيضا عند التفاوت ؛ لأن المفضول الحي أحق بالاحترام من الأفضل الميت ا هـ سم ( قوله وإذا جاز أكله إلخ ) أي الآدمي الميت ( قوله : كما بحثه الأذرعي ) وفاقا للمغني وخلافا للنهاية عبارته نعم قيد ذلك الأذرعي بما إذا كان محترما والأوجه الأخذ بإطلاقهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قتل مهدر إلخ ) لم يقيده بعدم وجود غيرهم ويتجه التقييد بمن يمنع قتله بغير [ ص: 393 ] إذن الإمام ا هـ سم ثم كتب أيضا قوله قتل مهدر نحو مرتد وحربي إلخ يحتمل ، أن الأمر كذلك وإن وجد ميتة غير آدمي ويحتمل تقييده بما إذا لم يجد ميتة غيره ويحتمل أن يفصل بين من يجوز قتله بغير إذن الإمام كالحربي فيجوز قتله وأكله وإن وجد ميتة غير الآدمي ومن لا يجوز قتله بغير إذن الإمام فيمتنع فيه ذلك مع وجود ما ذكر نعم إن أذن الإمام صار كمن يجوز قتله بغير إذنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن وحربي ) أي كامل بالذكورة والعقل والبلوغ ( قوله : وزان محصن ) إلى قوله وليس لوالد في المغني إلا قوله وبهذا إلى المتن ( قوله : وزان محصن إلخ ) الوجه ، أن محله إذا لم يكن المضطر مثله ا هـ سم ( قوله : من غير إذن الإمام ) راجع لقوله وزان محصن إلخ كما ، هو صريح صنيع الروض والمغني وسم ( قوله ومن هذا إلخ ) لعل الإشارة إلى جواز قتل من ذكر للأكل .

                                                                                                                              ( قول المتن حل قتل الصبي إلخ ) قال في شرح الروض إذا لم يجد غيرهم ا هـ سم أقول ويفيده بحث ابن عبد السلام الآتي ( قوله فيه ) أي في قتلهم ( قوله وبحث البلقيني إلخ ) عبارة النهاية ومحل ذلك كما بحثه البلقيني إلخ ( قوله : أن محله ) أي حل قتلهم ( قوله : وحرمة قتل صبي إلخ ) لما في أكله من إضاعة المال ولأن الكفر الحقيقي أبلغ من الكفر الحكمي وكذا يقال في شبه الصبي ا هـ مغني أي من النساء والمجانين والأرقاء ( قوله وفيه نظر ظاهر ) عبارة النهاية والأقرب خلافه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفيه نظر إلخ ) وذلك ؛ لأنا لا نسلم ، أن حقن الدم لذلك فقط وإلا لم يلزمه كفارة بقتله فوجوبها يدل على ، أن عصمته ليست لمجرد حق السيد ولو صح ما قاله لزم عدم عصمة قن الغير فيقتله ويغرم قيمته كما يأكل طعام الغير وكلامهم كالصريح في امتناع ذلك ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية