الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن أقر بعقوبة لله تعالى ) أي بموجبها كزنا وسرقة وشرب مسكر ولو بعد دعوى ( فالصحيح أن للقاضي ) أي يجوز له كما في الروضة وأصلها لكن أشار في شرح مسلم إلى نقل الإجماع على ندبه وحكاه في البحر عن الأصحاب وقضية تخصيصهم القاضي بالجواز حرمته على غيره وهو محتمل ويحتمل أن غير القاضي أولى منه بالجواز لامتناع التلقين عليه ( أن يعرض له ) إن كان جاهلا بوجوب الحد وقد عذر على ما في العزيز ولكن توقف فيه الأذرعي ويؤيد توقفه أن له التعريض لمن علم أن له الرجوع فكذا لمن علم أن عليه الحد ( بالرجوع ) عن الإقرار وإن علم جوازه فيقول لعلك قبلت فأخذت أخذت من غير حرز غصبت انتهبت لم تعلم أن ما شربته مسكر { لأنه صلى الله عليه وسلم عرض به لماعز وقال لمن أقر عنده بالسرقة ما أخالك سرقت قال بلى فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا فأمر به فقطع } رواه أبو داود وغيره [ ص: 152 ] ويؤخذ منه أنه يندب تكرير التعريض ثلاثا بناء على ندبه وأفهم قوله بالرجوع أنه لا يعرض له بالإنكار لأن فيه حملا على الكذب كذا قيل وفيه نظر لما مر في الزنا أن إنكاره بعد الإقرار كالرجوع عنه ثم رأيتهم صرحوا بأن له التعريض بالإنكار وبالرجوع ويجاب عما علل به بأن تشوف الشارع إلى درء الحدود ألغى النظر إلى تضمن الإنكار للكذب على أنه ليس صريحا فيه فخف أمره ، وقوله أقر أن له قبل الإقرار ولا بينة حمله بالتعريض على الإنكار أي ما لم يخش أن ذلك يحمله على إنكار المال أيضا على الأوجه وأنه لا يجوز التعريض إذ ثبت بالبينة وقوله لله أن حق الآدمي لا يجوز التعريض بالرجوع عنه وإن لم يفد الرجوع فيه شيئا ويوجه بأن فيه حملا على محرم إذ هو كتعاطي العقد الفاسد ( و ) قطعوا بأنه ( لا يقول ) له ( ارجع ) عنه أو اجحده فيأثم به لأنه أمر بالكذب وله أن يعرض للشهود بالتوقف في حد الله تعالى إن رأى المصلحة في الستر وإلا فلا وبه يعلم أنه لا يجوز له التعريض ولا لهم التوقف إن ترتب على ذلك ضياع المسروق أو حد الغير .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لكن أشار في شرح مسلم إلى نقل الإجماع على ندبه ) والمعتمد الأول م ر ( قوله ويحتمل أن غير القاضي أولى ) وهو الأوجه م ر ( قوله فكذا لمن علم أن عليه الحد ) كتب عليه م ر [ ص: 152 ] قوله وقوله أقر إلخ ) وعلى ما تقدم من أن الإنكار كالرجوع يكون التقييد بإقرار غيره بالأولى .

                                                                                                                              ( قوله لأنه أمر إلخ ) إن رجع للمتن أيضا كما هو ظاهر دل على تضمن الرجوع الكذب فيخالف ما تقدم من الفرق بين التعريض بالرجوع والتعريض بالإنكار وأن في الثاني حملا على الكذب ، وتسليم ذلك في الجواب مع الاعتذار عنه إلا أن يجاب بالفرق بين الحمل على الكذب والأمر به فليحرر ( قوله إن رأى المصلحة في الستر وإلا فلا وبه يعلم أنه لا يجوز له التعريض ولا لهم التوقف إلخ ) في الروض وشرحه في الزنا وكذا الشاهد يستحب له سترها بأن يترك الشهادة بها إن رآه مصلحة ، وإن رأى المصلحة في الشهادة بها شهد كذا في الروضة فكلامهما فيما إذا لم ير مصلحة متدافع ، وكلام المصنف يقتضي أنه يشهد والأقرب خلافه وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاقهم في باب الشهادات وغيره استحباب ترك الشهادة ، ثم محل استحباب تركها إن لم يتعلق بتركها إيجاب حد على الغير فإن تعلق به ذلك كأن شهد ثلاثة بالزنا فيه فيأثم الرابع بالتوقف ويلزمه الأداء ا هـ .

                                                                                                                              وينبغي أن يقال [ ص: 153 - 154 ] أيضا إن محل جواز تركها فيما إذا كانت المصلحة فيها ما ذكر إلخ فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لكن أشار في شرح مسلم إلخ ) والمعتمد الأول نهاية ومغني أي الجواز سم و ع ش ( قوله القاضي بالجواز ) عبارة النهاية الجواز بالقاضي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويحتمل أن غير القاضي أولى منه ) وهو الأوجه ا هـ نهاية ( قوله لامتناع التلقين عليه ) أي : على الحاكم دون غيره ا هـ نهاية أي : فهو أولى بالجواز رشيدي ( قوله على ما في العزيز إلخ ) ولعله جرى على الغالب إذ العالم قد تطرأ له دهشة فلا فرق كما قاله البلقيني ا هـ نهاية أي : بين العالم والجاهل ع ش ( قوله عرض به ) أي بالرجوع بقوله لعلك قبلت فاخذت ( قوله ما إخالك ) بكسر الهمزة على الأفصح وبفتحها على القياس حلبي أي ما أظنك ا هـ بجيرمي ( قوله [ ص: 152 ] ويؤخذ منه ) أي : من الخبر ( قوله وأفهم قوله ) أي : المصنف ( قوله لا يعرض له ) أي : بعد الإقرار ( قوله وقوله ) إلى قوله ويوجه في المغني إلا قوله أي : ما لم يخش إلى وأنه لا يجوز وإلى المتن في النهاية ( قوله وقوله أقر ) أي : وأفهم قوله أقر ( قوله أي : ما لم يخش إلخ ) ولعل صورة إنكار السرقة دون المال أن يقر به ويدعي أنه أخذه بشبهة أو نحو ذلك ا هـ رشيدي ( قوله وأنه لا يجوز إلخ ) عطف على قوله أن له إلخ ( قوله وقوله لله ) أي : وأفهم قوله لله ( قوله وقطعوا إلخ ) عبارة المغني وكلام المصنف يقتضي أن قوله ولا يقول ارجع من تتمة ما قال أنه الصحيح وليس مرادا بل هو مجزوم به في كلام الرافعي وغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عنه ) إلى قوله وبه يعلم في المغني وإلى المتن في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله فيأثم به ) ومثل القاضي غيره ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأنه أمر بالكذب ) إن رجع للمتن أيضا كما هو ظاهر دل على تضمن الرجوع الكذب فيخالف ما تقدم من الفرق بين التعريض بالرجوع والتعريض بالإنكار وأن في الثاني حملا على الكذب وتسليم ذلك في الجواب مع الاعتذار عنه إلا أن يجاب بالفرق بين الحمل على الكذب والأمر به فليحرر سم على حج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وله أن يعرض إلخ ) ، وأما الشفاعة في الحد فقال المصنف في شرح مسلم أجمع العماء على تحريمها بعد بلوغه الإمام وأنه يحرم تشفيعه فيه ، وأما قبل بلوغ الإمام فأجازها أكثر العلماء إن لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس فإن كان كذلك لم يشفع وسيأتي الشفاعة في التعزير في بابه ا هـ مغني ( قوله وإلا فلا ) شامل لما إذا لم ير مصلحة في واحد منهما كما صرح به الأسنى ( قوله ضياع المسروق إلخ ) ومثله بالأولى ما لو خاف على نفسه أو ماله كما هو معلوم ا هـ ع ش ( قوله أو حد الغير ) عبارة الروض مع شرحه في الزنا ثم محل استحباب تركها أي : الشهادة إذا لم يتعلق بتركها إيجاب حد على الغير فإن تعلق به ذلك كأن شهد ثلاثة بالزنا فيأثم الرابع ويلزمه الأداء انتهى ا هـ سم . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية