الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            انتشار الإسلام في كوسوفا

            سامر بابروش أحمدي

            المبحث الثاني

            إسهامات العثمانيين في «كوسوفا»

            أدت فتوحات الدولة العثمانية في بلاد البلقان وبصورة خاصة في مناطق « كوسوفا » الحالية إلى تغييرات جذرية في ظروف سكان أهلها، في جميع الجوانب.

            وفي هـذا المبحث سوف يتم تسليط الضوء على بعض إسهامات العثمانيين في «كوسوفا» في الفترة موضع الدراسة [1] .. وتسهيلا للعرض والدراسة يمكن إيجازها في النقاط الآتية:

            أولا: بناء المساجد

            يحتل المسجد مكانة كبيرة في المجتمع الإسلامي، فهو إلى جانب وظيفته الأساسية، كدار للعبادة، مركز للعلم والثقافة والذكر والسياسة، ففيه كانت تنعقد الألوية وتنطلق الغزوات وتعقد الزيجات وتستقبل الوفود... ونظرا لهذه الأهمية للمسجد فقد أولاه خلفاء بني عثمان اهتماما خاصا في كل البلاد التي دخلت تحت حكمهم. [ ص: 155 ] ففي «كوسوفا» قاموا ببناء كثير من المساجد، منها:

            1- مسجد «السلطان مراد»

            يعتبر هـذا المسجد أقدم المساجد التي بناها العثمانيون وهو بني ببريشتينا، ويعرف هـذا المسجد بين الأهالي اليوم «بجامع أتشارشيس Xhamia e çarshisë» أي جامع السوق. بدأ بناء هـذا المسجد السلطان مراد الأول في عام 1389م واكتمل بناؤه في عهد السلطان محمد الثاني في عام 844هـ / 1440م. ويتمـيز على غـيره من المساجـد الكوسـوفية والمقدونية بكونه مبنيا على الطراز العربي في فن العمارة [2] ، وله منارة رائعة من حيث البناء والتشييد.

            2- مسجد «السلطان محمد الفاتح»

            بنى هـذا المسجد السلطان محمد الفاتح في سنة 865هـ / 1461م في مدينة بريشتيـنا ، واستخدم في بنائه الأحجار وطليت جدرانه وأعمدته وقبته. وهو مربع الشكل يبلغ طوله ثلاثة عشر مترا وثمانين سنتيمترا وسمكه في المدخل متران وعشرون سنتيمترا، وأما الجدران الأخرى فسمكها حوالي متر وتسـعين سنتيمترا، وله سبع وثلاثون نافذة ويصل طول منارته [ ص: 156 ] إلى مئة وعشرين سلما، ويوجد حمام كبير بالقرب منه لخدمة عمال المسجد خلال بنائه [3] .

            3- مسجد «رمضانية»

            ويسميه عامة الناس بجامع ألابيت [4] بنى هـذا المسجد الوزير «رمضان تشاءوش» في سنة 875هـ/ 1470م في مدينة بريشتينا [5] .

            4- مسجد «بيريناز Pirinaz»

            بني في سنة 875هـ/1470م في مدينة بريشتينا وهو موجود اليوم [6] .

            5- مسجد «يوسف جلبي»

            بني هـذا المسجد في مدينة « بريشتينا » في عام 875هـ/1470م ومايزال موجودا إلى يومنا هـذا ومحافظا على بنائه القديم [7] .

            6- مسجد «بوزاجي»

            شرع العثمانيون بعد استقرارهم مباشرة في « بريشتينا » في بناء هـذا المسجد، واستغرق البناء منهم ليلة واحدة [8] ، ويرجع تاريخ البناء إلى نهاية القرن الرابع عشر الميلادي. [ ص: 157 ]

            7- مسجد «تشارشى جامع [9] »

            هو أول مسجد بناه العثمانيون في مدينة « بييا » ويرجع تاريخ بنائه إلى عام 876هـ/1471م [10] ومايزال هـذا المسجد محافظا على بنائه وطرازه العثماني القديم.

            8- مسجد «يابلانيتسا أ ماذة [11] Jabllanica eMadhe»

            هو ثاني مسجد بناه العثمانيون في بلدية « بييا » ويرجع تاريخ بنائه إلى عام 896هـ/1490م [12] .

            9- مسجد «غازي عيسى بك [13] »

            وهو أول مسجد بناه العثمانيون بمدينة « ميتروويتسا » وذلك في سنة 870هـ/1465م (وأعيد بناؤه بوساطتهم في عام 1138هـ/1725م) [14] . [ ص: 158 ]

            10- مسجد في قرية «ماشيج»

            في مدينة « ميتروويتسا » تم بناؤه في سنة 873هـ/1468م [15] .

            11- مسجد غازي علي بك»

            بني في سنة 813هـ/1410م وهو أول مسجد تم بناؤه بوساطة العثمانيين في بلدية « ووشتري » [16] وأعيد بناؤه مرة أخرى.

            12- مسجد «الإكرامية»

            بني في عام 848هـ/1444م بمدينة « ووشتري » وكان يسمى بتشارشى جامع، ثم غير اسمه إلى مسجد الإكرامية [17] .

            13- مسجد «جامع كارامانلي»

            بناه «كارامان أوغولاري» في مدينة « ووشتري » بعد معركة « كوسوفا » الثانية [18] التي وقعت أحداثها في سنة 852هـ/1448م.

            14- مسجد قرية «قرايكوف» [19]

            هو أول مسجد بني في بلدية « درناس » وذلك في سنة885هـ/1480م [20] وهو موجود الآن. [ ص: 159 ]

            15- مسجد «مهمت (محمد) باشا»

            بنى هـذا المسجد محمد باشا – فاتح بودابست – في مدينة بريزرن في عام 905هـ/1499م، وسمي هـذا المسجد أيضا بـ «جامع أ بايراكليس» أي جامع العلم، وكانت كل مساجد المدينة تقتدي به في الأذان أي تبدأ الأذان بعد انطلاق أذانه. وبمرور الوقت أضيفت له مدرسة وحمام في الجهة الغربية من جسر المدينة وهنالك كتابات شعرية على جدرانه تحتوي على معلومات تخص تاريخ بناء المسجد وغير ذلك [21] .

            16- مسجد «جامع آرست»

            بنى هـذا المسجد يعقوب أورنوس زاده بن أورنوس بك، وهو أحد القواد الذين شاركوا في معركة «كوسوفا» الشهيرة [22] (791هـ/1389م) . ومن خلال المعلومات المتوافرة حول هـذا المسجد يترجح عندي أنه قد بني في عهد السلطان بايزيد الأول .

            وإلى جانب المساجد السابقة فهنالك ثلاثة مساجد في مدينة « ووشترييا » بنيت في القرن الخامس عشر الميلادي وهي: «مسجد حاج تيمور خان» و «مسجد حاج علادين» ومكتبة و «مسجد هـورن تشاءوش» في «ووشتري»، وهذه المساجد مسجلة في الدفاتر الخاصة بالقرن السادس [ ص: 160 ] عشر الميلادي بأوقافها ولكنها ليست موجودة اليوم، ويبدو أنها قد تعرضت للخراب في الفترة ما بين عامي 1095هـ/1683 و1102هـ/1690م نتيجة للحرب التي كانت بين العثمانيين والنمسا [23] . ومسجد في « تربشا » وقد بناه «سنان آغا» وهو من أصول ألبانية [24] . ومسجد في مدينة « بريزرن » قام ببنائه الشاعر الألباني «سوزي بريزرناسي Suzi Prizrenasi» وهومن أكبر شعراء الأدب التقليدي (الكلاسيكي) العثماني وذلك في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي، وهذا المسجد موجود اليوم ووراءه يوجد قبر الشاعر وقبر أخيه «نهاري» [25] .

            ثانيا: الحمامات

            وإلى جانب المساجد فقد أولى العثمانيون اهتماما خاصا بالحمامات؛ لأنها مرتبطة بالمساجد، فالدخول إلى المسجد وأداء الصلوات المفروضة يفرض على المسلم أن يكون طاهرا نظيفا في جسمه وثوبه. وتؤكد الآثار الإسلامية العثمانية في « كوسوفا » اهتمام العثمانيين بالحمامات، فهنالك [ ص: 161 ] حمام [26] ، عثمـاني في مدينة بييا يعود تاريخ بنائه إلى عام 867هـ/1462م [27] وقد حظيت الحمامات العثـمانية بشهرة واسعة في آسيا وإفريقيا وأوروبا .

            وعلاوة على ما سبق فقد كانت للعثمانيين إسهامات أخرى كبناء المدارس والشفخانات، إلا أن اهتمامهم بـهذه الجوانب قد بدأ في بداية القرن السادس عشر، أي بعد الفترة المخصصـة للبحث، ولذلك لم أتعرض لها بالذكر. [ ص: 162 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية