الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            انتشار الإسلام في كوسوفا

            سامر بابروش أحمدي

            المبحث الثاني

            أصل تسمية الألبانيين

            اختلفت الروايات والآراء حول أصل كلمة «ألبان».. ويعرف الألبانيون في المصادر المختلفة بأسماء شتى، وهي: «ألباناس Albanas »، «ألبانسي Albanesi »، «آرباناسين Arbanasin »، «آربانوس Arbanus »، «آربر Arber »، «آرنابوت Arnabut »، «آرناؤود Arnaud »، «آرناووت Arnavut»

            [1] .

            وبناء على ما جاء في «سالنامه» [2] لولاية «كوسوفا» فإن كلمة «آربانArban » يأتي أصلها من اللغة الألبانية وهي: «آر- بان»، وتعني الحارث، الذي يحرث الأرض، ويحسب العالم «غوستاو ميير GustavMayar» أن كلمة «شكيبتار»، التي يسمي بها الألبانيون أنفسهم، أصلها من الكلمة اللاتينية «Excipio» وتعني: أخرج، أخذ، أطلق سراحه، جمع، [ ص: 51 ] نادى، اتجه إلى اتجاه واحد، ويعتقد العالم الكبير «اسكندر ريزاي» أن كلمة «شكيبتار» هـي كلمة ألبانية لا محالة، ويأتي أصلها من الفعل «شكيبتيم Shqiptim »، وتعني: النطق، أوالتلفظ [3] .

            كان السلافيون يسمون الألبانيين باسم «آرباناسArbanas »، والغربيون يسمونهم بـ «آلباننسس Albanenses»، والأتراك بـ «آرناؤوت Arnaut»

            [4] .

            أما تسمية «شكيبري» و «شكيبتار» فلا وجود لها في الدراسات القديمة التي تؤرخ للعصر اليوناني الروماني، وهذه الحقيقة هـي التي جعلت بعض المؤلفين الأوروبيين يعتقدون بأن الألبانيين ليسوا سكانا أصليين للأراضي التي يسكنونها اليوم، وإنما هـم مهاجرون إليها

            [5] . [ ص: 52 ] وهناك من يرى أن أصل كلمة «شكيبShqip » من الاسم «شكيبونيا Shqiponja» وتعني: النسر؛ ويعتبر الألبانيون أبناء النسور.. ويعتقد المؤلف اليوناني « أريستيث كولا » أن هـذه التسمية بدأت بظهور البطل الألباني « إسكندر بيك » [6] (808 – 873هـ \1405–1468م) الذي كان النسر ذو الرأسين مرسوما في لوائه، مثل ما هـو اليوم في لواء جمهورية ألبانيا الحالية؛ أما ما يتعلق باللفظين «ألبان Alban» و «آربرش [ ص: 53 ] Arberesh» وقضية التفريق بينهما التي أقلقت الباحثين [7] ، فتسمية ألبان هـي تسمية قديمة وتعني: العلو أو الجبل، وهناك مدينة قديمة كانت موجودة ذكرها العالم الجغرافي الروماني « كلاوديؤ بتولميؤ Klaudio Ptolemeu » (ولد في عام 90م، وتوفي في عام 160م) وذلك في عام 151م، وكان الألبانيون يسمون تلك المدينة باسم « آربر Arber » يرجع هـذا الاختلاف في النطق إلى اللغة اليونانية التي كانت وسيلة لانتقال هـذا الاسم عبر الأجيال. أما «آربرش» فهو اسم أخذه الألبانيون الذين عاشوا في إيطاليا من اسم «أربر» وأطلقوه على أنفسهم [8] .

            لقد سميت ألبانيا في تاريخها القديم باسم «إيليريا Iliria»، واستمرت تلك التسمية إلى عام 475هـ / 1082م، ومنذ ذلك التاريخ انتشرت تسميتها الجديدة، ألا وهي ألبانيا [9] .

            واعتبر عام 475هـ / 1082م، عاما مهما في تاريخ ألبانيا وضواحيها؛ لأن تسميتها القديمة «إيليريا» قد تحولت إلى «ألبانيا»، وبدأ استخدام هـذا الاسم لألبانيا بكل أراضيها وحدودها التي تضم أراضي ألبانيا الحالية [ ص: 54 ] والأجزاء التي شملتها حدودها قديما والتي بترت منها ظلما، وذلك في بداية القرن الماضي، ونسي الناس اسم «إيليريا» بمرور الزمن [10] .

            كان الألبانيون يطلقون على أنفسهم في القرون الوسطى اسم «آربني Arbeni» و «آربنش Arbeneshe» ولم تذكر لنا المصادر التاريخية سببا لتحول اسم آربان إلى ألبان، وكان سـكان آربني يفضلون أن يسموا أنفسهم بالألبان [11] .

            ويقول العالم المعـاصر الخبير بالشئون البيزنطية الروسي « آ. واسيليو A. Vasiliev»: إن اسم «ألبانيز – Albanez» قد استخدم لأول مرة في القرن الحادي عشر الميلادي من قبل المؤلفين البيزنطيين كمسمى للمجموعة السكانية الأصلية لألبانيا الحالية وضواحيها [12] ؛ فهم لا يسمون أرضهم ألبانيا بل «شكيبنيا Shqiperia» أي أرض النسور، ولايسمون أنفسهم ألبانيين بل «شكيبتاريين Shqiptare» أو أبناء النسور [13] .

            وقد ذكرت المؤرخة « آنا كومنينا Ana Kumnina» (476–541ه / 1083–1146م) وهي بنت الإمبراطور البيزنطي « آلكس الأول [ ص: 55 ] AleKs I»، التي ذكرت في تاريخها المشهور أن الشعب الذي يعيش في مدينة دورس (الألبانية) يسمي نفسه «آربانز arbanez» [14] .

            ويقول العالم الألباني « سامي فراشري Sami Frasheri»: إن تسمية «ألبانيا» مأخوذة من كلمة «آربانيا» التي ينطقها اليونانيون «آروانيا» ويسمون الشعب الألباني باسم «آروانيت Arvanit»؛ وبدل العثمانيون هـذه التسمية «آروانيا» إلى «آرناويت Arnavit» أو «آرناووط Arnavut» وهذا هـو في الأساس أصلها، أما الذين حاولوا في بحوثهم أن يستخرجوها من اللغة العربية «الأرناءوط» أي «عار لنا أن نعود Ar lena an neud» واللغة الفارسية مثل: «آرنبود Arnbud» فمحاولاتهم بعيدة عن الحقيقة [15] .

            أما عن أصل كلمة «آربان» فهي مكونة من: «آر - Ar» التي تعني في اللغة الألبانية: الأرض الزراعية، و «بان Ban» بمعنى يعمل، وبذلك تكون الكلمة بشقيها تعني: الذي يعمل، إذن فإن كلمة «آربان» تعني: المزارع الذي يمارس الزراعة بنفسه [16] .

            أما المؤرخ البريطاني « نول مالكولم NoelMalcolm» فيقول: إن الاسم الذي يستخدم مع كل الاختلافات اللغوية هـو الاسم نفسه [17] . [ ص: 56 ] وحاول الأستاذ بكر إسماعيل الوصول إلى أصل تسمية الألبان بالألبانيين من خلال تتبعه لتاريخ هـذا الشعب والدول التي تعاقبت على حكمه، فتوصل إلى أن الرومان قد أطلقوا عليهم اسم ألبان، وهي في الأصل «أربان» إلا أن الرومان بعد انتشارهم في بلاد البلقان واحتكاكهم بالشعب الألباني المقيم قبلهم بقرون استبدلوا اللام بالراء فصاروا ينطقونها «ألبان» بدلا من «أربان»، وبمرور الزمن ذاعت هـذه الكلمة واشتهرت في البلقان كلها، ولما أصبحت بلاد الألبان تابعة للدولة العثمانية أطلق العثمانيون على أهلها اسم أرناءوط، وهي عندهم مشهورة بالدال المهملة «أرناوودجي»، وعند العرب بالطاء المهملة، وهي وإن كانت شبه جمع يفرق واحده بياء النسبة إلا أن العرب جمعوها على «أرانطة» [18] .

            والذي يترجح عندي أن أصل اسم الألبانيين جاء من كلمة «آربان» الألبانية وتعني المزارع. [ ص: 57 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية