الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            انتشار الإسلام في كوسوفا

            سامر بابروش أحمدي

            المقدمة

            الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين، خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

            تعتبر المناطق التي كانت تضمها دول البلقان، في الفترة موضع هـذه الدراسة، من المناطق الساخنة والملتهبة سياسيا في الوقت الحاضر، باعتبارها تضم مجموعات كبيرة من المسلمين تمثل أغلبية في بعض دولها كما هـو الحال بالنسبة إلى « كوسوفا »، التي تعيش داخل قارة تعتبر بحكم اعتناق معظم رعاياها للنصرانية ووجود زعامات معظم الطوائف النصرانية وعلى رأسهم «البابا» الذي مقره بالفاتيكان بها قارة نصرانية، وهي القارة الأوروبية التي بدأت في الآونة الأخيرة تضيق الخناق على المسلمين من رعاياها بصفة خاصة، وتمارس ضغوطا على الدول الإسلامية بصفة عامة.. هـذه الوضعية الحالية لدول البلقان، وخاصة « كوسوفا »، تجعل منها ظاهرة تستحق الدراسة.

            ومن هـنا جاء اختيارنا لموضوع انتشار الإسلام في «كوسوفا» في القرن الخامس عشر الميلادي لتسلط الضوء على الظرفية التاريخية، التي كانت تمر بها «كوسوفا» قبيل انتشار الإسلام فيها، والوسائل والمعينات التي استخدمها [ ص: 21 ] المسلمون لفتح «كوسوفا» ونشر وتوطين الإسلام والثقافة الإسلامية فيها، وتسليط الضوء كذلك على الدولة الإسلامية، التي تبنت مشروع الفتح الإسلامي وهي الدولة العثمانية. وتتضمن هـذه المقدمة المحاور الآتية: الإشكالية المحورية للبحث، وأهمية البحث، وأهداف البحث، وتساؤلات البحث، وحدود البحث، والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وهيكل البحث. وفيما يلي تفصيل لكل محور على حدة: - إشكالية البحث: ما هـي القوى الإسلامية التي كانت وراء الفتح الإسلامي لكوسوفا ؟ وما هـي الظروف التاريخية التي كانت تمر بها «كوسوفا» قبل الفتح؟ وكيف تمكن الفاتحون المسلمون من اغتنام هـذه الظروف وفتح «كوسوفا» وتوطين الإسلام والثقافة الإسلامية بها؟ وما هـي النتائج التي ترتبت على ذلك؟ - أهمية البحث: يكتسب هـذا البحث أهميته من كونه يسعى إلى: أولا: إبراز الوضع الديني والاجتماعي والسياسي في «كوسوفا» بصفة خاصة وبلاد البلقان بصفة عامة قبل الفتح العثماني. إن التحول الديني الذي حدث في بلاد البلقـان بعد الفتـح العثماني لا يمكن فهمه وتقويمه تقويما علميا إلا بعد الوقوف على الأوضاع الدينية [ ص: 22 ] والسياسية والاجتمـاعية التي كانت سـائدة في المنطقـة المذكورة، وهذا ما سوف يضطلع به هـذا البحث. ثانيا: توضيح الوسائل التي استخدمها العثمانيون لجذب ألبان «كوسوفا» للإسلام: تحاول هـذه الدراسة أن تقرأ المصادر والدراسات المتعلقة بانتشار الإسلام في «كوسوفا» قراءة متأنية وفاحصة لأجل الوصول إلى الوسائل، التي استخدمها العثمانيون لجذب الألبان إلى الدين الإسلامي، للاستفادة منها في ممارسة الدعوة إلى الإسلام في الحاضر والمستقبل، ولتفنيد الأباطيل والأكاذيب التي روج ويروج لها أعداء الإسلام فيما يخص تحول الألبان إلى الدين الإسلامي. ثالثا: المساهمة في إعادة كتابة تاريخ «كوسوفا»: تناولت أقلام عديدة تاريخ «كوسوفا» وخاصة الجانب الإسلامي منه، وقد تنوعت هـذه الأقلام، فبعضها كان متطرفا ومنحازا لثقافته ودينه ومتحاملا على الفترة العثمانية في هـذه المنطقة، وبعضها كان معتدلا ولكنه لم يأخذ بعين الاعتبار وجهة النظر الكوسوفية، ومن هـنا جاء دور هـذه الأطروحة باعتبارها مشروعا ينتمي صاحبه إلى المنطقة المستهدفة بالدراسة، وألزم نفسه التقيد بقواعد البحث العلمي في كتابته وعلى رأسها الوقوف على الدراسات والكتابات السابقة وتقويمها وتخصيص مساحة كبيرة لوجهة النظر المحلية تجاه الموضوع المطروح. [ ص: 23 ]

            - أهداف البحث:

            يهدف البحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:

            1- بيان كيفية انتشار الإسلام في «كوسوفا»، مع ذكر الوسائل التي استخدمها العثمانيون لنشر الإسلام فيها.

            2- توضيح الآثار الاجتماعية التي ترتبت على انتشار الإسلام في «كوسوفا».

            3- الربط بين الماضي والحاضر لفهم التقدم الحضاري والثقافي الحالي في «كوسوفا» والانطلاق منه للتخطيط للمستقبل.

            4- معرفة أسباب التوجه العثماني نحو بلاد البلقان عامة، و «كوسوفا» بصفة خاصة.

            5- معرفة كل من الموقع الجغرافي لكوسوفا، وأصل تسمية الألبانيين، وأصل سكان «كوسوفا»، وأصل اللغة الألبانية.

            6- إبراز دور الدعاة في نشر الإسلام في «كوسوفا».

            تساؤلات البحث:

            تتلخص أسئلة البحث في الآتي:

            1- ما الموقع الجغرافي لكوسوفا؟

            2- ما أصل تسمية الألبانيين؟

            3- ما أصل سكان «كوسوفا» ؟ [ ص: 24 ] 4- ما أصل اللغة الألبانية؟

            5- ما هـو الوضع السياسي والاجتماعي في «كوسوفا» قبل الفتح العثماني؟

            6- ما هـو دور قوم «البجناك» في انتشار الإسلام في « كوسوفا » ؟

            7- ما هـو دور الداعية «صاري صلتوق» في انتشار الإسلام في «كوسوفا» ؟

            8- من هـم العثمانيون؟

            9- ما هـي مراحل الفتح العثماني «لكوسوفا»؟

            10- ما هـي أسباب التوجه العثماني «لكوسوفا»؟

            11- إلى ماذا كان العثمانيون يهدفون من وراء استيلائهم على «كوسوفا» ؟

            12- ما هـي العوامل التي كانت وراء انتشار الإسلامي في «كوسوفا»؟

            13- ما هـي اسهامات العثمانيين في «كوسوفا» ؟

            14- ما هـي إيجابيات العثمانيين وسلبياتهم في «كوسوفا» ؟

            - حدود البحث:

            يتحدد موضوع البحث في: انتشار الإسلام، واختيار القرن الخامس عشر الميلادي زمانا و «كوسوفا» مكانا. [ ص: 25 ]

            - الدراسات السابقة حول الموضوع:

            إن الواجب، أكاديميا، على كل باحث أن يقوم بإخبار الآخرين عن أي دراسة كتبت حول موضوع بحثه، مستقلة كانت أو داخل مجلة متخصصة، وأي كتاب حديث أورد في جزء منه جزئية تتعلق بموضوعه، ثم أن يقوم بتقويمها وتحديد أهميتها بالنسبة إلى دراسته.

            وبالنسبة إلى الموضوع الذي نحن بصدده، فقد اطلعت على كثير من المصادر والدراسات، التي لها علاقة بتاريخ انتشار الإسلام في البلاد البلقانية عامة والألبانية بصورة خاصة، فلم أعثر من بينها على كتاب أو بحث بعنوان «انتشار الإسلام في «كوسوفا» في القرن الخامس عشر الميلادي – التاسع الهجري»، لذلك أستطيع أن أقول: إن هـذا البحث يعتبر البحث الأول في هـذا الجانب، حسب علمي، ولكني قد وجدت مقالات في بعض المجلات الألبانية بعنوان «انتشار الإسلام لدى الألبان»، وقد استفدت منها، كما استفدت من الكتب التاريخية المعتمدة في تاريخ الألبانيين عامة و «كوسوفا» بصفة خاصة [1] . [ ص: 26 ]

            - منهج البحث

            تم استخدام وتوظيف المنهج التاريخي، الذي يهتم بفحص المعلومة وإسنادها إلى صاحبها، كما تم توظيف المنهج التحليلي، وبناء عليهما تم الاهتمام بما يأتي:

            1- الإطلاع على المصادر، التي تعد من أهم الكتب المعتمدة في التاريخ الألباني، وكذلك المصادر والمراجع التي لها علاقة بانتشار الإسلام في « كوسوفا ».

            2- التنقيب في المراجع العربية، التي لها علاقة بالدولة العثمانية الإسلامية وانتشار الإسلام في بلاد البلقان، ومن ضمنها «كوسوفا»، وتوظيف ما بها من معلومات في بناء وتطوير وجهة البحث.

            3- كتابة أسماء المدن والأماكن الألبانية بالحرفين العربي واللاتيني وفقا للنطق المحلي لها مثلا: بريشتينا - Prishtina.

            4- الالتزام بكتابة التاريخ الهجري وما يوافقه من التاريخ الميلادي في البحث كله.

            - هـيكل البحث:

            يتكون هـيكل هـذا البحث من الآتي:

            - المقدمة.

            - الفصل الأول: «كوسوفا» قبل الفتح العثماني، ويحتوي على أربعة مباحث:

            المبحث الأول: الموقع الجغرافي «لكوسوفا».

            المبحث الثاني: أصل تسمية الألبانيين. [ ص: 27 ] المبحث الثالث: أصل سكان « كوسوفا ».

            المبحث الرابع: أصل اللغة الألبانية.

            - الفصل الثاني: دور الدعاة في انتشار الإسلام في «كوسوفا» قبل العثمانيين، ويحتوي على ثلاثة مباحث:

            المبحث الأول: الوضع السياسي والاجتماعي في «كوسوفا» قبل العثمانيين.

            المبحث الثاني: دور «البجناك» في انتشار الإسلام في «كوسوفا».

            المبحث الثالث: دور الداعية «صاري صلتوق» في انتشار الإسلام في «كوسوفا».

            - الفصل الثالث: الفتح العثماني لكوسوفا، ويحتوي على أربعة مباحث:

            المبحث الأول: التعريف بالعثمانيين.

            المبحث الثاني: مراحل الفتح العثماني «لكوسوفا».

            المبحث الثالث: أسباب التوجه العثماني «لكوسوفا».

            المبحث الرابع: استيلاء العثمانيين على «كوسوفا» ونواحيها.

            - الفصل الرابع: «كوسوفا» تحت سيطرة العثمانيين، ويحتوي على ثلاثة مباحث:

            المبحث الأول: وسائل العثمانيين لنشر الإسلام في «كوسوفا».

            المبحث الثاني: إسهامات العثمانيين في «كوسوفا».

            المبحث الثالث: القيم العثمانية في «كوسوفا».

            - الخاتمة:

            أولا: النتائج.

            ثانيا: التوصيات. [ ص: 28 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية