الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        التاسعة : قال لشريكه : إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر ، أو فجميع العبد حر ، أو فنصيبي حر بعد عتق نصيبك ، فإذا أعتق المقول له نصيبه ، نظر ، إن كان معسرا ، عتق على كل واحد نصيبه ، وإن كان موسرا ، عتق عليه نصيبه . ثم إن قلنا : السراية تحصل بنفس الإعتاق ، سرى عليه ، ولزمه قيمة نصيب شريكه ; لأن السراية قهرية تابعة لعتق نصيبه ، لا مدفع لها ، وموجب التعليق قابل للدفع بالبيع ونحوه .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا بالتبين ، فكذلك الحكم إذا أديت القيمة ، وإن قلنا بالأداء ، فنصيب المعلق عمن يعتق فيه وجهان . ولو قال : إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر مع عتق نصيبك ، أو في حال عتق نصيبك ، وقلنا : السراية بنفس الإعتاق ، فوجهان . أحدهما : يعتق نصيب كل واحد عنه ، ولا شيء على المعتق ، وبهذا قال ابن القاص ، وصاحب التقريب ، واختاره القاضي أبو الطيب ، وحكاه الروياني عن عامة الأصحاب ، والثاني وبه قال القفال ، واختاره الشيخ أبو علي : يعتق جميعه عن المقول له ، ولا أثر لقوله : مع نصيبك ; لأن المعلق لا يقارن المعلق عليه ، بل يتأخر عنه بلا شك . ولو قال : إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل عتق نصيبك ، فأعتق المقول له نصيبه ، نظر ، إن كانا معسرين أو المعلق معسرا ، عتق نصيب المنجز ، وعتق على المعلق نصيبه قبل ذلك لموجب التعليق ، ولا سراية ، وإن كان المعلق موسرا ، وقلنا : السراية تحصل بنفس الإعتاق ، فوجهان ، من صحح الدور اللفظي ، كابن الحداد يقول : لا ينفذ إعتاق المقول له في نصيبه ; لأنه لو نفذ ، لعتق نصيب [ ص: 126 ] القائل قبله ، ولو عتق لسرى ، ولو سرى لبطل عتقه ، فيلزم من نفوذه عدم نفوذه . وعلى هذا لو قال السيد لعبده : مهما أعتقتك فأنت حر قبله ، لم يتمكن من إعتاقه كما سبق نظيره في الطلاق ، ولو صد هذا التعليق من الجانبين ، امتنع الإعتاق عليهما . ولو قال أحدهما للآخر : متى بعت نصيبك ، فنصيبي حر قبله ، لم ينفذ البيع ، والمستبعدون لصحة الدور وانسداد باب الطلاق ونحوه أولى بالاستبعاد هنا لتضمنه الحجر على العين ، ومن لا يصحح الدور - وهو الأصح - يقول : يعتق نصيب كل واحد منهما عنه ، ولا شيء لأحدهما على الآخر كما لو قال : مع نصيبك . وإن قلنا : يحصل العتق بأداء القيمة ، فإن نفذنا عتق الشريك قبل أداء القيمة ، عتق نصيب المنجز عليه ، ونصيب المعلق على المعلق . وإن لم ننفذه قال الإمام : تدور المسألة أيضا ، وعلى هذه الصور جميعا لو أعتق المعلق نصيبه ، عتق وتثبت السراية إذا وجد شرطها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية