الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        السادسة : إذا كاتب عبيدا وشرط أن يتكفل بعضهم بعضا بالنجوم ، فسدت الكتابة ؛ لأنه شرط فاسد ؛ لأن ضمان النجوم باطل .

                                                                                                                                                                        ولو ضمن بعضهم بعضا بلا شرط ، لم يصح ، وفي قول قديم : لا تفسد الكتابة بالشرط المذكور ؛ لأنه مصلحة العقد والمشهور الأول ، ولو كاتب عبدا بشرط أن يضمن عنه فلان ، لم تصح الكتابة أيضا ، ولو أدى بعض المكاتبين عن بعض بلا شرط ولا ضمان ، أو كاتب عبدين في عقدين ، فأدى أحدهما عن الآخر ، فإن أدى بإذنه ، رجع عليه ، وإلا فلا وإن أدى قبل العتق ، فهو تبرع ، وتبرعه بغير إذن السيد باطل ، وبإذنه قولان ، فإن لم يعلم السيد أنه يؤدي عن غيره ، بأن ظن أن كسب المؤدى عنه ، وأنه وكيله ، فهو تبرع بغير إذن السيد ، وإن علم الحال ، فهو كالتصريح بالإذن على الأصح .

                                                                                                                                                                        فإن صححنا الأداء لم يرجع المؤدي على السيد ، ويرجع على المؤدى عنه إن أدى بإذنه ، ولا يرجع إن أدى بغير إذنه ، وإذا ثبت له الرجوع عليه ، فإن كان قد عتق ، فذاك وإلا فيأخذ مما في يده ، ويقدم على النجوم ؛ لأنه لا بدل له ، وحق السيد له بدل عند التعذر ، وهو رقبته ، وإن لم نصحح الأداء ، فلا رجوع للمؤدي على المؤدى عنه ، لكنه يسترد من السيد ، فلو أدى النجوم ، وعتق ، فالنص أنه لا يسترد حينئذ ، ونص [ ص: 266 ] فيما لو جنى السيد على مكاتبه ، فعفا عن الأرش ، وأبطلنا العفو بناء على رد تبرعاته ، فعتق ، أن له أخذ الأرش . قال أكثر الأصحاب : في الصورتين قولان كزوال المانع من تبرعه ، لكن وقع العفو والأداء فاسدين ، فلا ينقلبان صحيحين .

                                                                                                                                                                        ولو كاتب رجلان كل واحد منهما عبده ، ثم أدى أحدهما عن الآخر بغير إذن سيده لم يصح أداؤه وبإذنه قولان .

                                                                                                                                                                        وقال القفال : إن انضم إذن المؤدى عنه إلى إذن سيده صح بلا خلاف ؛ لأنه يكون إقراضا ، والإقراض بإذن السيد صحيح بلا خلاف ، فإن لم نصحح أداءه فله الاسترداد ، فإن عتق قبل الاسترداد ففيه الخلاف .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        المكاتبون دفعة واحدة إذا اختلفوا فيما دفعه إلى السيد ، فقال من قلت قيمته : أدينا النجوم على عدد الرءوس ، وقال من كثرت قيمته : بل على أقدار القيم ، فقولان .

                                                                                                                                                                        أظهرهما : يصدق من قلت قيمته ؛ لثبوت يده على ما ادعاه .

                                                                                                                                                                        والثاني : يصدق الآخر ؛ لأن الظاهر معه . وقيل : ليست على قولين ، بل إن أدوا بعض المال بحيث لو وزع على رءوسهم ، لم يخص أحدهم أكثر من قسطه ، صدق قليل القيمة ، وإن أدوا الجميع ، وادعى قليل القيمة أنه أدى أكثر مما عليه ليكون وديعة عند السيد أو قرضا على كثير القيمة ، فيصدق كثير القيمة .

                                                                                                                                                                        قال الروياني : ويجري الخلاف فيما لو اشترى اثنان شيئا على التفاضل ، وأديا الثمن واختلفا في أنهما أديا متفاضلا ، أم متساويا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية