الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الثاني : أن ينجم نجمين فصاعدا . ومن بعضه رقيق هل يشترط في كتابة الرقيق منه التنجيم ؟ وجهان كالتأجيل ، وهل تجوز الكتابة على مال كثير إلى نجمين قصيرين ، أو إلى طويل وقصير ، بشرط أداء الأكثر في القصير ؟ وجهان . أصحهما : نعم لإمكان القدرة ، كما لو أسلم إلى معسر في مال كثير . والثاني : لا ; لأن النادر كالمعجوز عنه ، كما في السلم ، ويجوز جعل العوض منفعة ، كبناء دار ، وخياطة ، وخدمة شهر ، كما يجوز جعل المنفعة ثمنا وأجرة ومهرا ، ولا يجوز أن يكتفي بخدمة شهر ، أو شهرين ، أو سنة ، ويقدر كل عشرة أيام نجما ، أو كل شهر ; لأن الجميع نجم واحد ، والمطالبة به ثابتة في الحال . فلو شرط صريحا كون خدمة شهر نجما ، وخدمة الشهر بعده نجما آخر ، لم يصح على الأصح المنصوص في الأم لأن منفعة الشهر الثاني متعينة ، والمنافع المتعلقة بالأعيان لا يجوز شرط تأخيرها . ولو انقطع ابتداء المدة الثانية عن آخر الأولى كخدمة رجب ورمضان ، لم يصح بلا خلاف .

                                                                                                                                                                        ثم يشترط أن تتصل الخدمة وغيرها من المنافع المتعلقة بالأعيان بعقد الكتابة ولا تتأخر عنها ، كما [ ص: 213 ] أن عين المبيع لا يقبل التأجيل وتأخير التسليم . فلو كاتبه في رمضان على خدمة شوال لم يصح ، ولو كاتبه على دينار يؤديه في آخر هذا الشهر ، وعلى خدمة الشهر الذي بعده ، لم يصح .

                                                                                                                                                                        وأما المنافع الملتزمة في الذمة ، كخياطة ثوب معين ، وبناء جدار موصوف ، ودار موصوفة ، فيجوز فيها التأجيل . ولو كاتبه على بناء دارين ، وجعل لكل واحدة منهما وقتا معلوما ، صح . ولو قال : كاتبتك على خدمة شهر من الآن ، وعلى دينار بعد انقضائه بيوم أو شهر ، جاز . ولو قال : وعلى دينار عند انقضائه ، فوجهان . وقيل : قولان ، الأصح المنصوص : الجواز ، قالوا : ولا بأس بكون المنفعة حالة لأن التأجيل يشترط لحصول القدرة ، وهو قادر على الاشتغال بالخدمة في الحال ، بخلاف ما لو كاتب على دينارين ، أحدهما حال ، والآخر مؤجل ، وهذا يبين أن الأجل وإن أطلقوا اشتراطه ، فليس ذلك بشرط في المنفعة التي تقدر على الشروع فيها في الحال . ولو كاتب على خدمة شهر ودينار في أثناء الشهر ، كقوله : ودينار بعد العقد بيوم ، جاز على الأصح .

                                                                                                                                                                        ولو قال : على خدمة شهر من وقت العقد ، وعلى خياطة ثوب موصوف بعد انقضاء الشهر ، فهو كقوله : ودينار بعد انقضاء الشهر . وذكر البغوي أنه يشترط بيان العمل في الخدمة ، قال ابن الصباغ : يكفي إطلاق الخدمة ، لكن لو قال : على منفعة شهر ، لم يصح ، لاختلاف المنافع . وإذا كاتب على خدمة ودينار ، فمرض في الشهر ، وفاتت الخدمة ، انفسخت الكتابة في قدر الخدمة ، وأما الباقي فقيل : تبطل فيه قطعا ; لأنها لا تصح في بعض العبد . وقيل : هو كمن باع عبدين ، فتلف أحدهما قبل القبض ، ففي الباقي طريقان . أحدهما : لا تبطل . والثاني : قولان .

                                                                                                                                                                        [ ص: 214 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا قال لعبده : أعتقتك على أن تخدمني ، أو على أن تخدمني أبدا ، فقبل العبد ، عتق في الحال ، ورجع السيد عليه بقيمته . ولو قال : على أن تخدمني شهرا من الآن ، فقبل ، عتق ، وعليه الوفاء ، فإن تعذر بمرض وغيره ، ففيما يرجع عليه السيد به من أجرة مثل الخدمة ، أو قيمة العبد قولان ، كالصداق وبدل الخلع إذا تلفا قبل القبض . ولو قال : كاتبتك على أن تخدمني أبدا ، لم يعتق . ولو قال : على أن تخدمني شهرا ، فقبل وخدمه شهرا ، عتق ، ورجع السيد عليه بقيمته ، وهو على السيد بأجرة مثل الخدمة ; لأنها كتابة فاسدة ، وإن خدمه أقل من شهر ، لم يعتق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية