الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4986 واشترى ابن مسعود جارية والتمس صاحبها سنة فلم يجده ، وفقد فأخذ يعطي الدرهم والدرهمين ، وقال : اللهم عن فلان ، فإن أبى فلان فلي وعلي ، وقال : هكذا فافعلوا باللقطة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  لم يقع هذا من رواية أبي ذر عن السرخسي ، ووصل هذا التعليق سفيان بن عيينة في ( جامعه ) من رواية سعيد بن عبد الرحمن عنه ، وأخرجه أيضا سعيد بن منصور عنه بسند له جيد : إن ابن مسعود اشترى جارية بسبعمائة درهم ، فإما غاب عنها صاحبها وإما تركها ، فنشده حولا فلم يجده ، فخرج بها إلى مساكين عند سدة بابه وجعل يقبض ويعطي ويقول : اللهم عن صاحبها ، فإن أبى فمني وعلي الغرم ، وأخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن شريك عن عامر بن شقيق عن أبي وائل بلفظ اشترى عبد الله جارية بسبعمائة درهم فغاب صاحبها فأنشده حولا أو قال : سنة ، ثم خرج إلى المسجد فجعل يتصدق ويقول : اللهم فله ، وإن أبى فعلي ، ثم قال : هكذا افعلوا باللقطة والضالة .

                                                                                                                                                                                  قوله : والتمس صاحبها أي : طلب بائعها ليسلم إليه الثمن .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 279 ] فلم يجده ، فأخذ عبد الله يعطي الدرهم والدرهمين للفقراء من ثمن الجارية ويقول : اللهم تقبله عن فلان أي : صاحب الجارية .

                                                                                                                                                                                  قوله : فإن أبى من الإباء وهو الامتناع هكذا في رواية الكشميهني ، وفي رواية الأكثرين : فإن أتى بالتاء المثناة من فوق من الإتيان أي : فإن جاء .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فلي وعلي " أي فلي الثواب وعلي الغرامة ، أراد أن صاحبها إذا جاء بعد الصدقة بثمنها وأبى فعله ذلك وطلب ثمنها ، وقال الكرماني : فإن أبى فالثواب والعقاب ملتبسان بي أو فالثواب لي وعلي دينه من ثمنها ، وقال بعضهم : وغفل بعض الشراح ، وأراد به الكرماني فإنه نقل كلامه مثل ما قلنا ، ثم نسبه إلى الغفلة ثم قال : والذي قلته أولى لأنه وقع مفسرا في رواية ابن عيينة كما ترى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : الغفلة منه لا من الكرماني لأن الذي فسره لا يخالف تفسير ابن عيينة في الحقيقة بل أدق منه ، يظهر ذلك بالنظر والتأمل .

                                                                                                                                                                                  قوله : وقال هكذا ، أي : قال ابن مسعود : هكذا افعلوا باللقطة ، وعرف حكم اللقطة في موضعها في الفروع ، وقال بعضهم : أشار بذلك إلى أنه انتزع فعله في ذلك من حكم اللقطة للأمر بتعريفها سنة والتصرف فيها بعد ذلك . انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : لأن حكم اللقطة معلوما عندهم ولم تكن قضية ابن مسعود معلومة عندهم ، فلذلك قال لهم : افعلوا مثل اللقطة ، يعني : افعلوا في مثل قضيتي إذا وقعت مثل ما كنتم تفعلونه في اللقطة بالتعريف سنة والتصرف فيها بعد ذلك على الوجه المذكور في الفروع .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية