الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4803 29 - حدثنا إبراهيم بن حمزة ، حدثنا ابن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل قال : مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقولون في هذا قالوا : حري إن خطب أن ينكح ، وإن شفع أن يشفع ، وإن قال أن يستمع قال : ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري إن خطب أن لا ينكح ، وإن شفع أن لا يشفع ، وإن قال أن لا يستمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير من ملء الأرض مثل هذا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : هذا خير إلى آخره ; لأن فيه تفضيل الفقير على الغني مطلقا في الدين فيكون كفؤا لمن يريدها من النساء مطلقا ، وأخرجه إبراهيم بن حمزة أبي إسحاق الزبيري الأسدي المديني ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه أبي حازم سلمة بن دينار ، عن سهل بن سعد الساعدي الأنصاري ، وأخرجه البخاري أيضا في الرقاق ، عن إسماعيل بن عبد الله ، وأخرجه ابن ماجه في الزهد ، عن محمد بن الصباح ، وفي التلويح : وحديث سهل بن سعد ذكره الحميدي ، وأبو مسعود ، وابن الجوزي في المتفق عليه وأبى ذلك الطرقي وخلف فذكراه في البخاري فقط قلت : وكذا ذكره المزي في الأطراف واقتصر على البخاري .

                                                                                                                                                                                  قوله : مر رجل لم يدر اسمه ، قوله : " حري " بفتح الحاء وكسر الراء وتشديد الياء أي حقيق وجدير ، قوله : " أن ينكح " على صيغة المجهول أي لأن ينكح .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أن يشفع " بضم أوله وتشديد الفاء المفتوحة على صيغة المجهول أي لأن تقبل شفاعته ، قوله : " أن يستمع " أي لأن يستمع على صيغة المجهول أيضا ، قوله : " ومر رجل من فقراء المسلمين " قيل : إنه جعيل بن سراقة ، وقال أبو عمر : جعال بن سراقة ، ويقال : جعيل بن سراقة الضمري ، ويقال : الثعلبي وكان من فقراء المسلمين وكان رجلا صالحا دميما قبيحا أسلم قديما وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " هذا " أي هذا الفقير من فقراء المسلمين خير من ملء الأرض بكسر الميم وبالهمزة في آخره .

                                                                                                                                                                                  قوله : " مثل هذا " أي مثل هذا الغني ، ويجوز في مثل [ ص: 88 ] الجر والنصب ، وقال الكرماني : فإن قلت : كيف كان ذلك قلت : إن كان الأول كافرا فوجهه ظاهر ، وإلا فيكون ذلك معلوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي ، وقال بعضهم : يعرف المراد من الطريق الأخرى التي ستأتي في الرقاق بلفظ : قال رجل من أشراف الناس : هذا والله حري إلخ قلت : في كل من كلاميهما نظر أما كلام الكرماني فقوله : بالوحي ليس كذلك ; لأنه قال : مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شاهده وعرفه أنه مسلم أو كافر ، والظاهر أنه مسلم كان شريفا بين قومه ولكن المار الثاني إن كان كما قيل : إنه جعيل بن سراقة وهو من أصحابه من خيار عباد الله الصالحين ، وأما قول بعضهم فأنزل من كلام الكرماني على ما لا يخفى على المتأمل .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية