الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5573 128 - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم [ ص: 56 ] يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناصيته، ثم فرق بعد.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة. وأحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي، وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد الفقهاء السبعة.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الهجرة عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك. وفي صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يحيى بن بكير.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فيما لم يؤمر فيه"؛ أي: فيما لم يوح إليه بشيء من ذلك.

                                                                                                                                                                                  وفيه أنه كان يتبع شرع موسى وعيسى عليها السلام قبل أن ينـزل في تلك المسألة وحي إليه. قيل: قد مر عن قريب أنه قال: خالفوهم. وأجيب بأنه قال: حيث أمر بالمخالفة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يسدلون" بضم الدال وكسرها، من سدل ثوبه؛ إذا أرخاه، وشعر منسدل، ضد متفرق; لأن السدل يستلزم عدم الفرق، وبالعكس.

                                                                                                                                                                                  قيل: لم سدل أولا ثم فرق ثانيا؟ وأجيب بأنه كان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به، فسدل موافقة لهم، ثم لما أمر بالفرق فرق.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يفرقون " بسكون الفاء وضم الراء، وقد شددها بعضهم، من التفريق. حكاه عياض، قال: والأول أشهر، وكذا في قوله: " ثم فرق"، الأشهر فيه التخفيف، والحكمة في محبة موافقتهم أنهم يتمسكون بالشريعة في الجملة، فكان يحب موافقتهم ليتألفهم، ثم لما أمر بالفرق استمر عليه الحال، وادعى بعضهم النسخ، وليس بصحيح; لأنه لو كان السدل منسوخا لصار إليه الصحابة أو أكثرهم، والمنقول عنهم أن منهم من كان يفرق، ومنهم من كان يسدل، ولم يعب بعضهم على بعض، والصحيح أنه كانت له لمة; فإن انفرقت فرقها، وإلا تركها، والصحيح أن الفرق مستحب، لا واجب، وهو قول الجمهور، وبه قال مالك. وقال النووي: الصحيح جواز السدل والفرق.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية