الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو وطئ المولى أمة المأذون فجاءت بولد فادعى نسبه ثبت نسبه منه عندهم جميعا ، وصارت الأمة أم ولد له ويضمن قيمتها ، ولا يضمن عقرها ; لأن حق [ ص: 16 ] المولى في كسب عبده المديون أقوى من الأب في جارية ابنه .

( ألا ترى ) أن المولى يملك استخلاصها ; لنفسه بقضاء الدين من موضع آخر ، والأب لا يملك ذلك في جارية ابنه ثم هناك استيلاده صحيح ويجب عليه ضمان قيمتها دون العقر فكذلك هاهنا ، وبهذا فرق أبو حنيفة بين الاستيلاد ، والإعتاق ، والتدبير ، وذكر في المأذون الصغير أن صحة دعوته استحسان يعني على قول أبي حنيفة ، وفي القياس لا يصح ; لأنه لا يملك كسب عبده المديون إذا كان الدين محيطا كما لا يملك كسب مكاتبه ثم دعواه ولد أمة مكاتبة لا تصح إلا بتصديق المكاتب ، فكذلك دعواه ولد أمة عبده المديون .

ولكنه استحسن فقال هناك : لا يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدين من موضع آخر فيعتبر بالاستيلاد كأنه استخلصها لنفسه بالتزام قيمتها ، ولا إشكال على قول أبي حنيفة في انتقاء العقر عنه ; لأنه ما كان يملكها مادام مشغولة بحق الغرماء فيقدم تمليكها منه بضمان القيمة واسقاط حق الغرماء عنها على الاستيلاد ; ليصح الاستيلاد كما يفعل ذلك في استيلاد جارية الابن ، وعلى قولهما إنما لا يجب العقر ; لأنه يملكها حقيقة ، والوطء في ملك نفسه لا يلزمه العقر ، وإنما يكون ضامنا لحق الغرماء ، وحق الغرماء في المالية ، وقد ضمن لهم جميع قيمة المالية ، والمستوفى بالوطء ليس بمال ، ولا حق للغرماء فيه فلهذا لا يغرم عقرها ، وكذلك لو كان الوطء بعد موت المأذون .

التالي السابق


الخدمات العلمية