الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4079 ) فصل : وإذا باع شقصا لثلاثة ، دفعة واحدة ، فلشريكه أن يأخذ من الثلاثة . وله أن يأخذ من أحدهم ، وله أن يأخذ من اثنين دون الثالث ; لأن عقد كل منهما منفرد ، فلا يتوقف الأخذ به على الأخذ بما في العقد الآخر ، كما لو كانت متفرقة .

                                                                                                                                            فإذا أخذ نصيب واحد ، لم يكن للآخرين مشاركته في الشفعة ; لأن ملكهما لم يسبق ملك من أخذ نصيبه ، ولا يستحق الشفعة إلا بملك سابق . فأما إن باع نصيبه لثلاثة ، في ثلاثة عقود متفرقة ، ثم علم الشفيع ، فله أيضا أن يأخذ الثلاثة ، وله أن يأخذ ما شاء منها ; فإن أخذ نصيب الأول ، لم يكن للآخرين مشاركته في شفعته ; لأنهما لم يكن لهما ملك حين بيعه ، وإن أخذ نصيب الثاني وحده ، لم يملك الثالث مشاركته لذلك ، ويشاركه الأول في شفعته ; لأن ملكه سابق لشراء الثاني ، فهو شريك حال شرائه .

                                                                                                                                            ويحتمل أن لا يشاركه ; لأن ملكه حال شراء الثاني يستحق أخذه بالشفعة ، فلا يكون سببا في استحقاقها . وإن أخذ من الثالث وعفا عن الأولين ، ففي مشاركتهما له وجهان . وإن أخذ من الثلاثة ، ففيه وجهان ; أحدهما ، أنه لا يشاركه أحد منهم ; لأن أملاكهم قد استحقها بالشفعة ، فلا يستحق عليه بها شفعة .

                                                                                                                                            والثاني ، يشاركه الثاني في [ ص: 214 ] شفعة الثالث . وهذا قول أبي حنيفة ، وبعض أصحاب الشافعي ; لأنه كان مالكا ملكا صحيحا حال شراء الثالث ، ولذلك استحق مشاركته إذا عفا عن شفعته ، فكذلك إذا لم يعف ; لأنه إنما استحق الشفعة بالملك الذي صار به شريكا ، لا بالعفو عنه ، ولذلك قلنا في الشفيع إذا لم يعلم بالشفعة حتى باع نصيبه : فله أخذ نصيب المشتري الأول ، وللمشتري الأول أخذ نصيب المشتري الثاني .

                                                                                                                                            وعلى هذا يشاركه الأول في شفعة الثاني والثالث جميعا . فعلى هذا إذا كانت دار بين اثنين نصفين ، فباع أحدهما نصيبه لثلاثة ، في ثلاثة عقود ، في كل عقد سدسا ، فللشفيع السدس الأول وثلاثة أرباع الثاني وثلاثة أخماس الثالث ، وللمشتري الأول ربع السدس الثاني وخمس الثالث ، وللمشتري الثاني خمس الثالث فتصح المسألة من مائة وعشرين سهما ، للشفيع الأول مائة وسبعة أسهم ، وللثاني تسعة ، وللثالث أربعة .

                                                                                                                                            وإن قلنا : إن الشفعة على عدد الرءوس . فللمشتري الأول نصف السدس الثاني وثلث الثالث ، وللثاني ثلث الثالث وهو نصف التسع ، فتصح من ستة وثلاثين ، للشفيع تسعة وعشرون ، وللثاني خمسة ، وللثالث سهمان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية