الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 36 ] فصل : وإذا دفع إليه ألفا مضاربة ، ثم دفع إليه ألفا آخر مضاربة ، وأذن له في ضم أحدهما إلى الآخر قبل التصرف في الأول ، جاز ، وصارا مضاربة واحدة ، كما لو دفعهما إليه مرة واحدة . وإن كان بعد التصرف في الأول في شراء المتاع ، لم يجز ; لأن حكم الأول استقر ، فكان ربحه وخسرانه مختصا به ، فضم الثاني إليه يوجب جبران خسران أحدهما بربح الآخر ، فإذا شرط ذلك في الثاني فسد . فإن نض ، الأول ، جاز ضم الثاني إليه لزوال هذا المعنى .

                                                                                                                                            وإن لم يأذن له في ضم الثاني إلى الأول ، لم يجز له ذلك . نص عليه أحمد . وقال إسحاق له ذلك قبل أن يتصرف في الأول . ولنا ، أنه أفرد كل واحد بعقد ، فكانا عقدين لكل عقد حكم نفسه ، ولا تجبر وضيعة أحدهما بربح الآخر ، كما لو نهاه عن ذلك .

                                                                                                                                            ( 3694 ) فصل : قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن المضارب بربح ، ويضع مرارا . فقال : يرد الوضيعة على الربح ، إلا أن يقبض المال صاحبه ، ثم يرده إليه ، فيقول : اعمل به ثانية .

                                                                                                                                            فما ربح بعد ذلك لا تجبر به وضيعة الأول ، فهذا ليس في نفسي منه شيء ، وأما ما لم يدفع إليه ، فحتى يحتسبا حسابا كالقبض ، كما قال ابن سيرين قيل : وكيف يكون حسابا كالقبض ؟ قال : يظهر المال . يعني ينض ويجيء ، فيحتسبان عليه ، فإن شاء صاحب المال قبضه . قيل له : فيحتسبان على المتاع ؟ فقال : لا يحتسبان إلا على الناض ; لأن المتاع قد ينحط سعره ويرتفع . قال أبو طالب : قيل لأحمد رجل دفع إلى رجل عشرة آلاف درهم مضاربة ، فوضع ، فبقيت ألف ، فحاسبه صاحبها ، ثم قال له : اذهب فاعمل بها . فربح ؟ قال : يقاسمه ما فوق الألف . يعني إذا كانت الألف ناضة حاضرة ، إن شاء صاحبها قبضها .

                                                                                                                                            فهذا الحساب الذي كالقبض ، فيكون أمره بالمضاربة بها في هذه الحال ابتداء مضاربة ثانية ، كما لو قبضها منه ثم ردها إليه . فأما قبل ذلك ، فلا شيء للمضارب حتى يكمل عشرة آلاف ، ولو أن رب المال والمضارب اقتسما الربح ، أو أخذ أحدهما منه شيئا بإذن صاحبه ، والمضاربة بحالها ، ثم سافر المضارب به ، فخسر ، كان على المضارب رد ما أخذه من الربح ; لأننا تبينا أنه ليس بربح ، ما لم تنجبر الخسارة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية