الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا قال السيد لأمته : أعتقتك وجعلت عتقك صداقك : صح ) . [ ص: 98 ] هذا المذهب . نص عليه . قال الزركشي : هذا المنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى . والمشهور عنه . رواه عنه اثنا عشر رجلا من أصحابه . منهم ابناه : عبد الله ، وصالح . ومنهم . الميموني ، والمروذي ، وابن القاسم ، وحرب . وهو المختار لجمهور الأصحاب : الخرقي ، وأبو بكر ، والشريف أبو جعفر ، والقاضي في موضع . قال في التعليق : هو المشهور من قول الأصحاب . قال المصنف ، والشارح : هذا ظاهر المذهب . قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب . وجزم به في الإرشاد ، والوجيز ، والعمدة ، والمنور ، وغيرهم . وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والمحرر ، والفروع ، والقواعد الفقهية ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وصححه في النظم وغيره . وهو من مفردات المذهب . وعنه : لا يصح حتى يستأنف نكاحها بإذنها . فإن أبت ذلك فعليها قيمتها . اختاره ابن حامد ، والقاضي في خلافه ، وروايتيه ، وأبو الخطاب في كتبه الثلاثة ، وابن عقيل في الفصول ، وقال : إنه الأشبه بالمذهب . وصححه في المذهب ، والخلاصة . قال ابن رجب في قواعده : فمنهم من مأخذه انتفاء لفظ النكاح الصريح . وهو ابن حامد . ومنهم من مأخذه انتفاء تقدم الشرط . فعلى الرواية الثانية : يكون مهرها العتق . وقيل : بل مهر المثل . ذكره في الرعاية . فعلى المذهب : يصح عقد النكاح منه وحده . وقال ابن أبي موسى : إحدى الروايتين أنه يستأنف العقد عليها بإذنه دون [ ص: 99 ] إذنها ورضاها ; لأن العقد وقع على هذا الشرط . فيوكل من يعقد له النكاح بأمره . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى : وهو حسن . وكلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى . في رواية المروذي يدل عليه لمن تأمله .

فوائد :

الأولى : لهذه المسألة صور :

منها : ما ذكره المصنف هنا . ونقله صالح وغيره .

ومنها : لو قال " جعلت عتق أمتي صداقها " أو " جعلت صداق أمتي عتقها " أو " قد أعتقتها وجعلت عتقها صداقها " أو " أعتقتها على أن عتقها صداقها " أو " أعتقتك على أن أتزوجك وعتقك صداقك " نص عليهما . وهذا المذهب في ذلك كله . لكن يشترط أن يكون متصلا بذلك . نص عليه ، وأن يكون بحضرة شاهدين ، إن اشترطناهما . وقال ابن حامد : لا يصح ذلك إلا مع قوله أيضا " وتزوجتها " . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى : يتوجه أن لا يصح العتق ، إذا قال " جعلت عتقك صداقك " فلم تقبل ; لأن العتق لم يصر صداقا . وهو لم يوقع غير ذلك . ويتوجه أن لا يصح ، وإن قبلت ; لأن هذا القبول لا يصير به العتق صداقا . فلم يتحقق ما قال . ويتوجه في قوله " قد أعتقتها ، وجعلت عتقها صداقها " أنها إن قبلت : صارت زوجة ، وإلا عتقت مجانا ، أو لم تعتق بحال . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية