الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا أحمد بن منيع ، أخبرنا محمد بن يزيد ) : أي الكلاعي ، شامي ، ثقة ، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي . ( عن محمد بن إسحاق ) : أي ابن يسار ، إمام أهل المغازي ، صدوق ، أخرج حديثه البخاري في التعليق والترمذي في الشمائل وباقي الأئمة الأربعة في صحاحهم . ( عن محمد بن المنكدر ) : تابعي جليل ، أخرج حديثه الأئمة الستة . ( عن جابر ) : وفي نسخة هو ابن عبد الله . ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالإثمد " ) : وهو اسم فعل بمعنى خذوه فيرجع إلى معنى قوله : " اكتحلوا به " . ( عند النوم ) قال ابن حجر : والأمر للندب إجماعا . ( فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر ) : وتعليله بالمنافع الدنيوية لا ينافي كون الأمر للسنية لاسيما وقد وقعت مواظبته الفعلية وترغيباته القولية ، وتلك المنافع وسيلة إلى الأمور الأخروية كمعرفة الطهارة وتوجه القبلة وغير ذلك مما يترتب على منافع البصر حتى فضله بعضهم على السمع ، متعنا الله تعالى بهما ، فلا يلتفت إلى ما قاله العصام من أنه لما كان غالب ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم من المصالح الدينية ، نبه على أن هذا الأمر ليس منها بل لمصلحة البدن من غير أن يتعلق به ثواب وعقاب ، وأن الناس يتفاوتون في الائتمار به على تفاوت حاجتهم . لكن هذه النكتة تنافي ما ذكره أصحاب الشافعي : أن الاكتحال سنة والإيتار فيه مستحب ، ولا يخفى أنه لا يظهر إذا أمر بشيء لنفع البدن كونه سنة أو فرضا ، انتهى . وهو غفلة منه أن الأمر بالأكل قد يكون فرضا والأمر بالسحور سنة مع أن نفعه راجع إلى البدن ، ولهذا قال العلماء : لو امتنع المضطر أو المرتاض عن الأكل بل عن السؤال حتى يموت جوعا مات عاصيا . واتفقوا على حرمة أكل التراب والطين ونحوهما لأجل ضرر البدن ، وإنما حرم الخمر لضرر العقل ، فتعقل وتأمل يظهر لك وجه الخلل فتجتنب دخول الوحل وتتخلص من الخطل ، نعم ، في التعليل إشارة لطيفة إلى أن المكتحل إذا أراد تحصيل السنة ينبغي أن يقصد بالاكتحال المعالجة والدواء لا مجرد الزينة كالنساء ، ولذا ذهب الإمام مالك إلى كراهة الاكتحال للرجال مطلقا إلا للتداوي ، والله هو الهادي .

التالي السابق


الخدمات العلمية