الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا ) : وفي نسخة ثنا . ( محمد بن بشار ) : وقد سبق ذكره . ( أنا ) : أي أخبرنا . ( أبو عاصم ) : الشهير بالنبيل مصغرا بالنون والموحدة ، من أكابر العلماء ، حديثه في الصحاح الستة . ( أنا ) : أي أخبرنا . ( عزرة ) : بمهملة مفتوحة فزاي ساكنة فراء . ( بن ثابت ) : أي ابن أبي زيد الأنصاري البصري ، ثقة ، أخرج حديثه الأئمة الستة . ( حدثني علباء ) : بمهملة مكسورة فلام ساكنة فموحدة ممدودة . ( بن أحمر ) : بصري صدوق من القراء ، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه . ( قال حدثني أبو زيد ) : هو ممن اشتهر بكنيته . ( عمرو ) : بالواو . ( بن أخطب ) : بالخاء المعجمة . ( الأنصاري ) : صحابي جليل من الأربعة الذين جمعوا القرآن في زمنه [ ص: 77 ] صلى الله عليه وسلم . ( قال ) : أي أبو زيد . ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأبا زيد ) : يكتب بغير ألف لكن يقرأ بها ، ويتلفظ بهمز بعدها عند كثير من المحدثين وهو القياس المطابق لرسم الصحابة في كتابة المصحف الشريف ، قال ميرك : وقد يترك في اللفظ أيضا تخفيفا . ( ادن ) : بهمزة وصل مضمومة وسكون دال مهملة وضم نون أي اقرب . ( مني فامسح ) : بفتح السين ، أي حك أو افحص . ( ظهري ) : ظنا أن في ثوبه شيئا يؤذيه ، والحاصل أنه لحاجته إلى مسحه لعارض أو تشريفه بمس جسده الشريف وإطلاعه على خاتم النبوة وتشرفه له بوجه لطيف ، وبالجملة دل ذلك على كمال عنايته صلى الله عليه وسلم إليه حيث شرفه بهذه الرتبة العلية وخصه بتلك القربة السنية ، وفي جامع المصنف : أنه دعا له ، وفي رواية قال : " اللهم جمله " ، قال عزرة بن ثابت حفيده : إنه عاش مائة وعشرين سنة وليس في رأسه ولحيته إلا شعرات بيض . ( فمسحت ) : أي دنوت فمسحت . ( ظهره فوقعت ) : أي اتفاقا . ( أصابعي ) : أي كلها أو بعضها . ( على الخاتم ) : بالوجهين . ( قلت ) : قائله علباء لأبي زيد لا أبو زيد للنبي صلى الله عليه وسلم كما هو واضح . ( وما الخاتم ؟ ) : أي : أي شيء هو ، أي : ما قدره وهيئته ؟ . ( قال ) : أيأبو زيد . ( شعرات ) : بفتح العين أي ذو شعرات أو ما فيه شعرات أو ما عليه شعرات . ( مجتمعات ) : بكسر الميم ، وظاهره أنه لم ير الخاتم بعينه فأخبر عما وصل إليه يده وهو الشعر الذي كان عليه ، وإنما قدرنا ما قدمناه ليحصل الجمع بين الأحاديث ، فاندفع ما قال العصام من أنه يبعد أن يقال تقدير الكلام " ذو شعرات " ; لأنه لو علم سوى الشعرات لتعرض له في بيانه مع أن حذف المضاف مما هو سائغ وشائع في كلام الفصحاء والبلغاء .

تنبيه هذا الحديث هكذا أورده الترمذي ، وأخرج ابن سعد الإسناد عن أبي رمثة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا رمثة ، ادن مني فامسح ظهري ، فمسحت ظهره ثم وضعت أصابعي على الخاتم فغمزتها . قلنا له : وما الخاتم ؟ قال : شعرات تجمع عند كتفه . فجعله من مسند أبي رمثة ، قال ميرك : والظاهر أن إحدى الروايتين وهم ; لاتحاد المخرج ، والمرجح رواية الترمذي ; لأنه أوثق من ابن سعد ، ويحتمل احتمالا بعيدا أن تكون الواقعة لهما ، انتهى . ولا يظهر وجه البعد كما لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية