الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فلو سرى ) قطع ما عفي عن قوده وأرشه ( إلى عضو آخر واندمل ) كأن قطع أصبعا فتآكل كفه واندمل الجرح الساري إليه ( ضمن دية السراية في الأصح ) ، وإن تعرض في عفوه بغير لفظ وصية لما يحدث ؛ لأنه إنما عفا عن موجب جناية موجودة فلم يتناول غيرها وتعرضه لما يحدث باطل ؛ لأنه إبراء عما لم يجب ( ومن له قصاص نفس بسراية طرف ) كأن قطعت يده فمات سراية ( لو عفا ) الولي ( عن النفس فلا قطع له ) ؛ لأن القطع طريق للقتل المستحق له وقد عفا عنه ( أو ) عفا ( عن الطرف فله حز الرقبة في الأصح ) ؛ لأن كلا منهما مقصود في نفسه كما لو تعدد المستحق وخرج بقوله بسراية طرف ، ما لو استحقهما بالمباشرة فإن اختلف المستحق كأن قطع عبد يد عبد ثم عتق ثم قتله فللسيد قود اليد وللورثة قود النفس ، ولا يسقط حق أحدهما بعفو الآخر وكذا إن اتحد المستحق فلا يسقط الطرف بالعفو عن النفس وعكسه ولما كان من له قصاص نفس بسراية طرف تارة يعفو وتارة يقطع وذكر حكم الأول تمم بذكر الثاني فقال ( ولو قطعه ) المستحق ( ثم عفا عن النفس مجانا ) مثلا إذ العفو بعوض كذلك ( فإن سرى القطع ) إلى النفس ( بان بطلان العفو ) ووقعت السراية قصاصا لترتب مقتضى السبب الموجود قبل العفو عليه فبان أن لا عفو حتى لو كان وقع بمال بان أن لا مال ( وإلا ) يسر بأن اندمل ( فيصح ) العفو فلا يلزمه لقطع العضو شيء ؛ لأنه حال قطعه كان مستحقا لجملته فانصب عفوه لغيره .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بغير لفظ وصية ) يفيد أنه لو كان بلفظ الوصية لم يضمن السراية .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ضمن دية السراية إلخ ) أما القصاص في العضو المقطوع وديته فساقطان .

                                                                                                                              ( تنبيه ) كلام المصنف يفهم أنه لا قصاص في العضو الذي سرى إليه وهو كذلك ؛ لأن القصاص لا يجب في الأجسام بالسراية مغني ( قوله بغير لفظ وصية ) يفيد أنه لو كان بلفظ الوصية لم يضمن دية السراية سم ( أقول ) بل الأولى حذفه كما في المغني ؛ لأنه يوهم أن المراد هنا سراية النفس ( قوله كما لو تعدد المستحق ) لعل واو العطف هنا سقطت من قلم الناسخ ( قوله ما لو استحقها ) أي النفس رشيدي ( قوله ثم عتق ) أي المقطوع ع ش ورشيدي ( قوله ثم قتله ) أي الجاني المقطوع ع ش ( قوله وللورثة ) أي ولو كان عاما كبيت المال ع ش ( فرع )

                                                                                                                              لو عفا شخص عن عبد تعلق به قصاص له ثم مات بسراية صح العفو ؛ لأن القصاص عليه أو تعلق به مال بجناية وأطلق العفو ، أو أضافه إلى السيد صح العفو أيضا ؛ لأنه عفو عن حق لزم السيد في عين ماله ، وإن أضاف العفو إلى العبد لغا ؛ لأن الحق ليس عليه ، ولو عفا الوارث في جناية الخطأ عن الدية ، أو عن العاقلة أو أطلق صح ؛ لأنه تبرع صدر من أهله وإن عفا عن الجاني لم يصح ؛ لأن الحق ليس عليه ويؤخذ من هذا أن الدية لو كانت عليه صح العفو كأن كان ذميا وعاقلته مسلمين ، أو حربيين وهو كذلك مغني وروض مع الأسنى ( قوله وكذا إن اتحد المستحق ) أي كما لو قطع يده ثم قتله فالقصاص مستحق فيهما أصالة مغني وبه ينحل توقف الرشيدي عبارته قوله وكذا إن اتحد المستحق لعله في هذه الصورة أي بأن كان السيد هو الوارث فليراجع . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو قطعه المستحق ) وهو وارث المجني عليه ع ش ( قوله الموجود ) وصف للسبب ، وهو القطع رشيدي ( قوله عليه ) أي السبب متعلق بترتب إلخ ( قوله بان أن لا مال ) أي فيسترد إن كان قبض ع ش ( قوله والأيسر ) أي قطع المستحق مغني .

                                                                                                                              ( قوله فلا يلزمه ) أي المستحق والمناسب ولا يلزمه بالواو بدل الفاء أي كما في المغني دفعا لما يتوهم أنه حيث عفا يلزمه أرش عضو الجاني وأما التفريع فلا يظهر له وجه رشيدي ( قوله كان مستحقا لجملته ) أي التي المقطوع بعضها فهو مستوف لبعض حقه وعفوه منصب على ما وراء ذلك وكذا الحكم فيما لو قتله بغير القطع وقطع الولي يده متعديا ثم عفا عنه ؛ لأنه قطع عضوا من مباح له دمه فكان كما لو قطع يد مرتد مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية