الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) قتل ( من عهده مرتدا أو ذميا ) يعني كافرا غير حربي ولو بدارهم ( أو عبدا أو ظنه قاتل أبيه فبان خلافه ) أي أنه أسلم أو عتق أو لم يقتل أباه ( فالمذهب وجوب القصاص ) عليه لوجود مقتضيه وجهله وعهده وظنه لا يبيح له ضربا ولا قتلا ولو في المرتد ؛ لأن قتله للإمام وفارق ما مر في الحربي بأنه يخلي بالمهادنة والمرتد لا يخلي فتخليته دليل على عدم ردته ، أما لو عهده حربيا فقتله بدارنا فإنه يقتل به على ما جرى عليه الشارح لكن جرى شيخنا في شرح المنهج كغيره على أنه لا قود ويوجه بعذره باستصحاب كفره المتيقن فهو كما لو قتله بدارنا في صفهم ويفرق بينه وبين ظن كفره بدارنا كأن رآه على زيهم بأن هذه القرينة أضعف من تينك كما هو ظاهر ومحل الخلاف في القود كما تقرر أما الدية فالوجه وجوبها وفي نسخ شرح الروض هنا اختلاف وإشكال للمتأمل ولو قتل مسلما تترس به المشركون [ ص: 397 ] بدارهم فإن علم إسلامه لزمته ديته وإلا فلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ما مر في الحربي ) لعل مراده بالنسبة لدارهم عدم وجوب القصاص في عهده حربيا إنما هو بالنسبة لدارهم أما لدارنا فسيذكره لكن قد يشكل الفرق حينئذ ( قوله لكن جرى شيخنا في شرح المنهج كغيره على أنه لا قود ) عدم القود صريح الروض ( قوله : أما الدية فالوجه وجوبها ) خالفه في شرح الإرشاد حيث قال ما نصه لا إن عهده حربيا فقتله وهو على زي الكفار بدارنا أو دارهم أو صفهم فلا قود إلى أن قال وكذا لا دية فيه على الأوجه وإن اقتضى كلام المصنف وجوبها وارتضاه في الإسعاد انتهى وقضيته أن نفي الدية إذا قتله بدارهم غير منقول أو غير مرجح لهم حيث عبر فيه بالأوجه أيضا وقضية قوله السابق هنا عهد حرابة من عينه أو لا خلافه .

                                                                                                                              ( قوله : ولو قتل مسلما تترس به المشركون إلخ ) عبارة الروض وشرحه في باب الجهاد أو تترسوا بمسلم وذمي فلا نرميهم إن لم تدع ضرورة إلى رميهم واحتمل الحال الإعراض عنهم فلو رمى رام فقتل مسلما فحكمه معلوم مما مر في الجنايات فلو دعت ضرورة إلى ذلك جاز رميهم وتوقيناه أي المسلم أو الذمي بحسب الإمكان فإن قتل مسلما وقوله من زيادته عرف قاتله ليس له كبير جدوى وجبت الكفارة ؛ لأنه قتل معصوما ، وكذا الدية إن علمه القاتل مسلما إذا كان يمكنه توقيه والرمي إلى غيره بخلاف ما إذا لم يعلمه مسلما وإن كان يعلم أن فيهم مسلما لشدة الصيرورة لا القصاص ؛ لأنه مع تحويز الرمي لا يجتمعان وإن تترس كافر بترس مسلم أو ركب فرسه فرماه مسلم فأتلفه ضمنه إلا إن اضطر بأن لم يمكنه في الالتحام الدفع إلا بإصابته فلا يضمنه في أحد الوجهين وقطع المتولي بأنه يضمنه انتهى باختصار وقوله السابق مما مر في الجنايات إشارة إلى التفصيل المذكور هنا السابق في كلام الشارح كغيره الذي منه أما إذا عرف مكانه إلخ وقوله في المسألة الأخيرة ضمنه ينبغي بالقود إن قصد قتله معينا وبالدية المخففة إن قصد غيره فأصابه .

                                                                                                                              ( قوله : أيضا ولو قتل مسلما تترس به المشركون إلخ ) الظاهر أنه أراد بهذه الصورة ما في الحاشية المتقدمة عن الروض وشرحه في قوله فإن قتل مسلما وقوله من زيادته عرف قاتله إلخ المفروض فيما إذا دعت ضرورة إلى رميهم لا المنقول عنهما [ ص: 397 ] قبل هذا المفروض فيما إذا لم تدع إلى ذلك لأنه ذكر أن حكمه معلوم مما مر في الجنايات ، وقد علم مما مر فيها أنه قد يجب القود كما في قول الشارح السابق أما إذا عرف مكانه بدارنا إلخ فلا يتأتى إطلاق أنه إن علم إسلامه لزمه ديته وإلا فلا ولا المنقول عنه آخرا المذكور بقوله وإن تترس كافر بترس مسلم إلخ لأن الظاهر أن الضمان هنا قد يكون بالقصاص ، وأيضا قد أبهموا الضمان فيبعد أن يتصرف هو بتعيينه تأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : غير حربي ) سيذكر محترزه ( قوله : لوجود مقتضيه ) عبارة المغني نظرا إلى ما في نفس الأمر ؛ لأنه قتله عمدا عدوانا والظن لا يبيح القتل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لوجود مقتضيه ) وهو المكافأة ع ش ( قوله : وعهده إلخ ) عطف تفسير على جهله ( قوله : وظنه ) الواو بمعنى أو ( قوله : لأن قتله للإمام ) قضيته أنه لا يجب القصاص على الإمام والمعتمد إطلاق المتن إذ كان من حقه التثبت مغني وفي ع ش عن سم على المنهج ما يوافقه ( قوله : وفارق ما مر في الحربي ) أي إذا كان في دارهم رشيدي عبارة سم لعل مراده بالنسبة لدارهم ؛ لأن عدم وجوب القصاص في عهده حربيا إنما مر بالنسبة لدارهم أما بدارنا فسنذكره آنفا لكن قد يشكل الفرق حينئذ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ما مر في الحربي ) أي في أول الفصل كردي ( قوله لكن جرى شيخنا في شرح منهج إلخ ) وعدم القود صريح الروض سم وع ش ( قوله : كغيره ) أي غير الشيخ ( قوله على أنه لا قود إلخ ) جزم به النهاية .

                                                                                                                              ( قوله : في صفهم ) أي ولم يعرف مكانه كما مر ( قوله : بأن هذه القرينة ) أي التزيي بزيهم مثلا ( قوله : من تينك ) أي استصحاب الكفر المتيقن والمقام في صفهم ( قوله : فالوجه وجوبها ) معتمد ع ش عبارة الحلبي وعليه دية العمد خلافا لما في شرح الإرشاد ا هـ أي في الإمداد والإسعاد من عدم وجوب الدية ( قوله : ولو قتل مسلما تترس إلخ ) عبارة الروض وشرحه في الجهاد أو تترسوا [ ص: 397 ] بمسلم وذمي فلا نرميهم إن لم تدع ضرورة إلى رميهم واحتمل الحال الإعراض عنهم فلو رمى رام فقتل مسلما فحكمه معلوم مما مر في الجنايات فلو دعت ضرورة إلى ذلك جاز رميهم وتوقيناه أي المسلم أو الذمي بحسب الإمكان فإن قتل مسلم وجبت الكفارة وكذا الدية إن علمه القاتل مسلما إذا كان يمكنه توقيه والرمي إلى غيره بخلاف ما إذا لم يعلمه مسلما وإن كان يعلم أن فيهم مسلما لا القصاص وإن تترس كافر بترس مسلم أو وركب فرسه فرماه مسلم ضمنه إلا إن اضطر بأن لم يمكنه في الالتحام الدفع إلا بإصابته فلا يضمنه في أحد وجهين وقطع المتولي بأنه يضمنه انتهت باختصار والظاهر أن مراد الشارح هنا قول الروض وشرحه المار فإن قتل مسلم وجبت الكفارة إلخ المفروض فيما إذا دعت ضرورة إلى رميهم سم ( قوله بدارهم ) انظر مفهومه ولعل المراد بدارهم هنا ما يشمل ما استولى عليه من دار الإسلام ( قوله : وإلا فلا ) أي فلا تلزمه الدية وتجب عليه الكفارة ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية