الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو أقر بوطء ونفى الولد وادعى استبراء ) بحيضة مثلا بعد الوطء وقبل الوضع بستة أشهر فأكثر [ ص: 282 ] وحلف على ذلك وإن وافقته الأمة على الاستبراء على الأوجه لأجل حق الولد ( لم يلحقه ) الولد ( على المذهب ) لأن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم نفوا أولاد جوار لهم بذلك ولأن الوطء سبب ظاهر والاستبراء كذلك فتعارضا وبقي أصل الإمكان وهو لا يكتفى به هنا بخلاف النكاح كما مر أما لو أتت به لدون ستة أشهر من الاستبراء فيلحقه ويلغو الاستبراء ووقع في أصل الروضة هنا أن له نفيه باللعان وردوه بأنه سهو لما فيه في بابه وفي العزيز هنا وجمع المتن بين نفي الولد ودعوى الاستبراء تصوير أو قيد للخلاف ففي الروضة إذا علم أنه ليس منه له نفيه باليمين وإن لم يدع الاستبراء فإن نكل فوجهان أحدهما ورجح أنه متوقف اللحوق على يمينها فإن نكلت فيمين الولد بعد بلوغه وقضية عبارتها أن اقتصاره على دعوى الاستبراء كاف في نفيه عنه إذا حلف عليه ( فإن أنكرت الاستبراء ) وقد ادعت عليه أمية الولد ( حلف ) ويكفي في حلفه ( أن الولد ليس منه ) ولا يجب تعرضه للاستبراء ولا يجزيه الاقتصار عليه لأن المقصود هو الأول وفيه إشكال أجبت عنه في شرح الإرشاد ( وقيل يجب تعرضه [ ص: 283 ] للاستبراء ) ليثبت بذلك دعواه ( ولو ادعت استيلادا فأنكر أصل الوطء وهناك ولد لم ) يلحقه لعدم ثبوت الفراش ولم ( يحلف ) هو ( على الصحيح ) إذ لا ولاية لها على الولد حتى تنوب عنه في الدعوى ولم يسبق منه إقرار بما يقتضي اللحوق وبه فارق حلفه فيما مر لإقراره ثم بالوطء أما إذا لم يكن ثم ولد فلا يحلف جزما كما قالاه لكن قال ابن الرفعة لكن ينبغي حلفه جزما إذا عرضت على البيع لأن دعواها حينئذ تنصرف إلى حريتها لا إلى ولدها ويرد بمنع قوله لا إلى إلخ بل الانصراف يتمحض له إذ لا سبب للحرية غيره وأيضا هو حاضر والحرية منتظرة والانصراف للحاضر أقوى فتعين

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإن وافقته الأمة إلى قوله لأجل حق الولد ) كذا م ر وعبارة المنهج إلا إن نفاه وادعى استبراء أي بعد الوطء وحلف ووضعته لستة أشهر أي فلا يلحقه قال في شرحه وإنما حلف لأجل حق الولد ا هـ وظاهره بل صريحه أنه لا بد من الحلف ولم يتعرض له في الروض ولما قال في التنبيه ولا ينتفي عنه إلا أن يدعي الاستبراء ويحلف عليه قال الإسنوي في صحيحه إن الأصح عدم وجوب الحلف على الاستبراء وهو المناسب لقول الشارح الآتي وجمع المتن بين نفي الولد ودعوى الاستبراء فلا معنى لوجوب الحلف عليه فليتأمل انتهى ( قوله أحدهما ورجح ) رجحه في شرح الروض ( قوله أحدهما إلخ ) وثانيهما وهو الأصح لحوق الولد بنكوله وشرح م ر ( قوله وقضية عبارتها إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله ولا يجب تعرضه للاستبراء ) وإذا حلف على الاستبراء فهل يقول استبرأتها قبل ستة أشهر من ولادتها هذا الولد أو يقول ولدته بعد ستة أشهر بعد استبرائي فيه وجهان الأوجه أن كلا منهما كاف في حلفه لحصول المقصود به . شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله ولا يجزيه الاقتصار عليه ) مع قوله السابق وقضية عبارتها إلخ المصرح بإجزاء الاقتصار عليه يدل على الفرق بين إنكارها الاستبراء مع دعوى الأمية وعدم إنكارها ولم يتعرض م ر لقول الشارح ولا يجزئه إلخ ( قوله وفيه إشكال أجبت عنه في شرح الإرشاد ) عبارته واستشكله في المطلب من حيث إن يمينه لم توافق دعواه الاستبراء ولذلك قلنا في الدعاوى إذا أجاب بنفي ما ادعى به عليه لم يحلف إلا على ما أجاب ولا يكفيه أن يحلف أنه لا حق له عليه إلا أن يكون ذلك هو جوابه في الدعوى وفارق نفي الولد في النكاح بأن نفيه لم يعتمد دعوى الاستبراء فيه فلذلك لم يشترط [ ص: 283 ] التعرض في نفيه إلى ذكره واستظهر الزركشي ما قاله وقد يجاب عنه بأن قوله ليس مني هو المقصود بالذات والاستبراء وسيلة إليه فوجب التعرض للمقصود ولم يكتف بذكر وسيلته لأنه قد يتخلف عنها وإنما لم يكن لا حق له على ما إذا ادعى عليه بشيء خاص لأن العام غير الخاص على أن الحق له إطلاقات فلم يتحقق شموله للمدعي فيه العين انتهت عبارته ولباحث أن يقول في قوله لأن العام غير الخاص لا أثر للمغايرة مع كون هذا العام نصا في العموم وقد صرحوا بأن النكرة المنفية بلا نص في العموم كما صرحوا بأن العام يدل على كل فرد مطابقة فلا أثر لهذه المغايرة مع تناول هذا العام للمدعي نصا ودلالته عليه مطابقة وفي قوله على أن الحق إلخ أن الحق باعتبار تلك الإطلاقات إما من قبيل المتواطئ أو من قبيل المشترك .

                                                                                                                              فإن كان الأول فهو قوله عام بجميع تلك المعاني على وجه النصوصية إلخ ما تقدم فلا أثر لمجرد أن له إطلاقات وإن كان الثاني فكذلك بناء على ما عليه الشافعي وأنه قوله من صحة استعمال المشترك في معنييه مثلا وظهوره فيهما عند التجرد عن القرائن قال الجلال المحلي في حد العام من جمع الجوامع ومن العام اللفظ المستعمل في حقيقته أو حقيقته ومجازه أو مجازية على الراجح المتقدم من صحة ذلك ويصدق عليه الحد كما يصدق على المشترك المستعمل في إفراد معنى واحد لأنه مع قرينة الواحد لا يصلح لغيره انتهى فتأمل .

                                                                                                                              ( قوله في المتن ولو ادعت استيلادا فأنكر أصل الوطء وهناك ولد إلخ ) قال في الروض والسيد المنكر للوطء أي الذي ادعته أمته لا بحلف على نفيه ولو كان ثم ولد أي لأن الأصل عدم الوطء مع كون النسب حقا لها قال في شرحه وظاهر أنه لا بد من حلفه إن ادعت أمية الولد كما صرح به الإمام لأن لها فيها حقا وإن اقتضى كلامه تبعا لصريح كلام أصله خلافه نبه على ذلك البلقيني وقال إن ما في الروضة وأصلها لا يعرف لأحد من الأصحاب انتهى ( قوله ويرد بمنع إلخ ) لا يخفى ما فيه ( قوله إذ لا ينسب للحرية غيره ) فيه أنه قد لا يقصد إلا المطلوب لا سببه ( قوله والحرية منتظرة ) قد يقال مراد ابن الرفعة بحريتها حق حريتها وهو حاضر لا منتظر والله تعالى أعلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بعد الوطء ) متعلق بحيضة أو استبراء ( قوله بستة أشهر ) متعلق بالوضع عبارة [ ص: 282 ] المغني وادعى بعد وطئها استبراء منها بحيضة كاملة وأتى الولد لستة أشهر فأكثر منها إلى أربع سنين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وحلف على ذلك إلخ ) يعني ولا بد من حلفه وإن وافقته إلخ ا هـ رشيدي عبارة المغني ولا بد من حلفه مع دعوى الاستبراء وعبارة سم وظاهر المنهج وشرحه بل صريحه أنه لا بد من الحلف ا هـ وعبارة الرشيدي قوله وحلف إلخ يعني ولا بد من حلفه وإن وافقته الأمة إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بذلك ) أي بالحلف مع دعوى الاستبراء ا هـ ع ش ( قوله وهو لا يكتفى به هنا ) أي في فراش الأمة بل لا بد فيه من الإقرار بالوطء أو البينة عليه مغني ونهاية ( قوله بخلاف النكاح ) أي لأن فراشه أقوى من فراش الملك إذ مقصود النكاح التمتع والولد وملك اليمين قد يقصد به خدمة أو تجارة ولهذا لا ينكح من لا تحل ويملك من لا تحل ا هـ سم عن الإمداد ( قوله أما لو أتت به إلخ ) محترز قوله بستة أشهر فأكثر ( قوله هنا ) أي في باب الاستبراء ( قوله أن له نفيه إلخ ) أي فيما إذا علم أنه ليس منه .

                                                                                                                              ( قوله وردوه إلخ ) عبارة المغني قال على الصحيح كما سبق في اللعان انتهى ونسب في ذلك للسهو فإن السابق هناك تصحيح المنع وهو كذلك هنا في كلام الرافعي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله تصوير ) خبر وجمع المتن ( قوله ففي الروضة إلخ ) استدلال على كون الجمع لمجرد التصوير ( قوله أحدهما ورجح ) رجحه في شرح الروض ا هـ سم وعبارة النهاية أحدهما توقف اللحوق على يمينها إلخ وثانيهما وهو الأصح لحوق الولد بنكوله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقضية عبارتها ) أي عبارة الروضة المارة آنفا وقوله إذا حلف عليه أي على نفي الولد عنه لا على الاستبراء أخذا مما يأتي ( قول المتن حلف ) بضم أوله بخطه أي السيد على الصحيح ا هـ مغني ( قوله ولا يجزيه الاقتصار إلخ ) مع قوله السابق وقضية عبارتها إلخ المصرح بإجزاء الاقتصار عليه يدل على الفرق بين إنكارها الاستبراء مع دعوى الأمية وعدم إنكارها . ا هـ سم أقول في دعوى دلالة ما ذكر على الفرق توقف ظاهر إذ الإجزاء فيما سبق بالنسبة إلى الدعوى لا اليمين كما نبهت عليه وعدم الأجزاء هنا بالنسبة إلى اليمين لا الدعوى كما هو صريح السياق ( قوله وفيه إشكال أجبت عنه في شرح الإرشاد ) عبارته واستشكله في المطلب من حيث إن يمينه لم يوافق دعواه الاستبراء .

                                                                                                                              ولذا قلنا في الدعاوى إذا أجاب بنفي ما ادعى عليه لم يحلف إلا على ما أجاب به ولا يكفيه أن يحلف أنه لا حق له عليه إلا أن يكون ذلك هو جوابه في الدعوى وقد يجاب عنه بأن قوله ليس مني هو المقصود بالذات والاستبراء وسيلة إليه فوجب التعرض للمقصود ولم يكتف بذكر وسيلته لأنه قد يتخلف عنها انتهت ا هـ سم بحذف ( قول المتن يجب تعرضه ) أي مع حلفه المذكور ( فرع )

                                                                                                                              لو وطئ أمته واستبرأها ثم [ ص: 283 ] أعتقها ثم أتت بولد لستة أشهر من العتق لم يلحقه ا هـ مغني ( قول المتن ولو ادعت استيلادا إلخ ) أفهم صحة دعوى الأمة الاستيلاء وهو كذلك نهاية ومغني أي ثم بعد دعواها تطلب منه جواب منعه بطريقه ع ش ( قول المتن أصل الوطء ) أي ودخول مائه المحترم في قبلها ( قوله لم يلحقه ) أي وإن أشبهه بل وإن ألحقه به القائف لانتفاء سببه ا هـ ع ش ( قوله إذ لا ولاية إلخ ) عبارة المغني لموافقته للأصل من عدم الوطء وكان الولد منفيا عنه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولم يسبق ) إلى قوله قال ابن الرفعة في المغني ( قوله فلا يحلف ) معتمد ا هـ ع ش ( قوله ويرد بمنع إلخ ) لا يخفى ما فيه وقوله إذ لا سبب للحرية إلخ فيه أنه قد لا يقصد إلا المطلوب لا سببه وقوله والحرية منتظرة قد يقال مراد ابن الرفعة بحريتها حق حريتها وهو حاضر لا منتظر ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية