الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والحلف بالطلاق ) وغيره إذا علق الطلاق به ( ما تعلق به حث ) على فعل ( أو منع ) منه لنفسه أو لغيره أو لهما ( أو تحقيق خبر ) ذكره الحالف أو غيره ليصدق فيه ؛ لأن الحلف بالله تعالى الذي الحلف بالطلاق فرعه يشتمل على ذلك ( فإذا قال إن حلفت بطلاق فأنت طالق ثم قال إن لم تخرجي ) مثال للأول ( أو إن خرجت ) مثال للثاني ( أو إن لم يكن الأمر كما قلت : ) مثال للثالث ( فأنت طالق وقع المعلق بالحف ) في الحال ؛ لأنه حلف ( ويقع الآخران ) كانت موطوءة و ( وجدت صفته ) وبقيت العدة كما علله بأصله [ ص: 133 ] وحذفه لوضوحه ( ولو قال ) بعد تعليقه بالحلف ( إذا طلعت الشمس أو جاء الحجاج فأنت طالق ) ، ولم يقع بينهما تنازع في ذلك ( لم يقع المعلق بالحلف ) لخلوه عن أقسامه الثلاثة بل هو تعليق محض بصفة فيقع بها إن وجدت ، وإلا فلا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لأن الحلف بالله الذي الحلف بالطلاق فرعه إلخ ) لا يقال يشكل على الفرعية أن الحلف بالطلاق منهي عنه وبالله مطلوب ؛ لأنا نقول لا يلزم أن يساوي الفرع الأصل في كل أحكامه على أن كلا منهما يكون تارة منهيا عنه وأخرى مأمورا به كما هو معلوم من محلهما فلا يصح إطلاق دعوى النهي عن الطلاق وطلب اليمين وعلى أن المراد أصالة اليمين للطلاق من حيث كونه حلفا لا مطلقا فلا إشكال بوجه ؛ لأن أصالة أحد الأمرين للآخر في أمر مخصوص لا تقتضي أصالته مطلقا ، ولا مساواته له في جميع أحكامه

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ويقع الآخران وجدت صفته ) هذا مشكل في الثالثة ؛ لأن الحلف فيها مبني على ظنه والحلف بناء على الظن لا حنث فيه ، وإن بان خلافه فالوجه أن الوقوع

                                                                                                                              [ ص: 133 ] في الثالثة مبني على خلاف الصحيح ، وهو حنث الجاهل لا يقال يحمل الوقوع فيها على ما إذا أراد مجرد التعليق ؛ لأنا نقول هذا لا يصح ؛ لأنه جعل هذا حلفا ومجرد التعليق لا يكون حلفا مع أن هذا الحمل ينافي جعل ذلك مثالا لتحقيق الخبر فليتأمل لا يقال إنما يعتبر الظن بحيث يمنع الحنث في التنجيز دون التعليق كما هنا ؛ لأنا نقول قد تقدم التصريح بخلاف ذلك في قوله في شرح قول المصنف ولو علق بفعله ففعل ناسيا للتعليق أو مكرها لم تطلق في الأظهر والحاصل أن المعتمد الذي يلتئم به أطراف كلام الشيخين إلخ فراجعه

                                                                                                                              ( قوله : وحذفه لوضوحه ) قد يقال أيضا حذفه لدلالة قوله إن وجدت صفته عليه وعلى كونها موطوءة لتوقف تأثير الصفة على ذلك ولعل المآل واحد

                                                                                                                              ( قوله : في المتن أو جاء الحجاج ) فيه أمران الأول أنه ينبغي توقف الوقوع على دخولهم البلد والثاني أنه هل يشترط مجيء الجميع أو الأكثر أو مسمى الجمع فيه نظر ، وفي شرح م ر أن الأوجه مسمى الجمع فليتأمل

                                                                                                                              ( قوله : ولم يقع بينهما تنازع في ذلك ) ولو تنازعا في طلوع الشمس فقالت لم تطلع فقال إن لم تطلع فأنت طالق طلقت أي إذا كان علق على الحلف منه حالا ؛ لأن غرضه التحقيق فهو حلف شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن والحلف ) بفتح المهملة وكسر اللام بخطه ويجوز سكونها نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله : وغيره ) إلى قول المتن ولو قيل له في المغني إلا قوله إذا علق الطلاق وقوله ولأن الحلف إلى المتن

                                                                                                                              ( قوله : وغيره ) الواو فيه بمعنى أو كما عبر به النهاية والمغني قال الرشيدي قوله وغيره مراده به ما يشمل غير الحلف بالله من عتق أو غيره ليتأتى التعليل ا هـ أي بقوله الآتي ؛ لأن الحلف إلخ

                                                                                                                              ( قوله : به ) أي بالحلف بالطلاق أو غيره

                                                                                                                              ( قوله : لنفسه إلخ ) تنازع فيه قوله فعل وضمير منه الراجع للفعل ( قوله ليصدق إلخ ) ببناء المفعول من التصديق واللام متعلق بتحقيق خبر في المتن

                                                                                                                              ( قوله لأن الحلف إلخ ) تعليل لانقسام الحلف بالطلاق لما في المتن من الثلاثة ( قوله على ذلك ) أي ما ذكر من الأقسام الثلاثة

                                                                                                                              ( قوله : مثال للأول ) أي الحنث ، وقوله : للثاني أي المنع ، وقوله : للثالث أي تحقيق الخبر

                                                                                                                              ( قوله لأنه حلف ) أي ؛ لأن ما قاله حلف بأقسامه السابقة كما تقرر ا هـ مغني ( قول المتن ويقع الآخران وجدت صفته ) فيه نظر بالنسبة للثالث فإنه حلف على غلبة الظن ، ولا يقع فيه الطلاق بتبين خلاف المحلوف عليه فما ذكره المصنف إنما يأتي على المرجوح أي من حنث الجاهل سم على حج ، وقد يقال هو محمول على ما لو أراد إن لم يكن الأمر كما قلت : في نفس الأمر ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : إن كانت موطوءة ) أي بخلاف غيرها فإنها تبين بوقوع المعلق بالحلف ا هـ مغني ( قول المتن [ ص: 133 ] أو جاء الحجاج إلخ ) وتعبيره بالجمع يشعر بأنه لو مات واحد أو انقطع لعذر لم توجد الصفة واستبعده بعضهم واستظهر أن المراد الجنس وهل ينظر في ذلك للأكثر أو لما يطلق عليه اسم الجمع أو إلى جميع من بقي منهم ممن يريد الرجوع احتمالات أقربها ثانيها نهاية ومغني ، وقولهما : أو إلى جميع إلخ قد يؤيد بأن الجمع المعروف للعموم بل هذا قد يؤيد الأول ، وإن استبعد وواضح أن محل التوقف والاستبعاد حيث لا قصد فلو قال أردت التعليق برجوع كل فرد فردا فرجعوا إلا واحدا لنحو موت فينبغي أن لا وقوع ، وإنما استبعد الحمل على هذا في صورة الإطلاق ؛ لأن العادة جارية بأنهم لا يخلون عن فقد بعضهم فيبعد الحمل على الجميع أما إذا صرح فلا استبعاد هذا والقلب أميل في صورة الإطلاق إلى اشتراط مجيء جميع من بقي ؛ لأن اللفظ حقيقة في جميعهم أخرج المتخلف بعذر بالقرينة وبقي من عداه ا هـ سيد عمر

                                                                                                                              ( قوله : ولم يقع بينهما تنازع إلخ ) ولو تنازعا في طلوع الشمس فقالت لم تطلع فقال إن لم تطلع فأنت طالق طلقت حالا ؛ لأن غرضه التحقيق فهو حلف ولو قال لموطوءة إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم أعاده أربعا وقع بالثانية طلقة وتنحل الأولى وبالثالثة طلقة ثانية بحكم اليمين الثانية وتنحل وبالرابعة طلقة ثالثة بحكم اليمين الثالثة وتنحل نهاية ومغني وروض مع شرحه قال ع ش قوله ثم أعاده إلخ أي إن حلفت بطلاقك إلخ

                                                                                                                              ( فرع ) ومما يغفل عنه أن يحلف بالطلاق أنه لا يكلمه ثم يخاطبه بنحو اذهب متصلا بالحلف فيقع به الطلاق ؛ لأن ذلك خطاب وينبغي أنه يدين فيما لو قال أردت بعد هذا الوقت الذي هو حاضر عندي فيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عن أقسامه الثلاثة ) أي الحث والمنع وتحقيق الخبر

                                                                                                                              ( قوله : إن وجدت ) أي ولو في غير الوقت المعتاد كأن تأخر الحجاج عن العادة في مجيئهم ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية