الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4989 ص: واحتجوا في ذلك بما قد رويناه عن رسول الله -عليه السلام- في هذا الكتاب في غير هذا الباب، لما سئل عن الثمر المعلق فقال: "لا قطع فيه إلا ما آواه الجرين وبلغ ثمن المجن ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثلية وجلدات نكال".

                                                وقد حدثنا بذلك أيضا إبراهيم بن أبي داود ، قال: ثنا الوهبي ، قال: ثنا ابن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

                                                ففرق رسول الله -عليه السلام- في الثمار المسروقة بين ما آواه الجرين منها وبين ما لم يأوه وكان في شجره، فجعل فيما آواه الجرين منها القطع، وفيما لم يأوه الجرين منها الغرم والنكال.

                                                فتصحيح هذا الحديث وما روى رافع عن رسول الله -عليه السلام- من قوله: "لا قطع في ثمر ولا كثر" أن نجعل ما روى رافع ، هو على ما كان في الحوائط التي لم يحرز ما فيها على ما في حديث عبد الله بن عمرو ، ما زاد على ما في حديث رافع ، فهو خلاف ما في حديث رافع، ، ففي ذلك القطع، ولا قطع فيما سوى ذلك ليستوي هذان الأثران، ولا يتضادان، وهذا قول أبي يوسف -رحمه الله-.

                                                [ ص: 33 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 33 ] ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.

                                                أخرجه الطحاوي عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أحمد بن خالد الكندي الوهبي ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده.

                                                وقد أخرجه في باب "الرجل يزني بجارية امرأته" عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث وهشام بن سعد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .

                                                وقد ذكرنا هناك أن النسائي أخرجه أيضا.

                                                قوله: "إلا ما آواه الجرين" أي إلا ما ضمه الجرين، والجرين -بفتح الجيم وكسر الراء- هو موضع تجفيف الثمر، ويجمع على جرن -بضمتين- قيل: الجرين البيدر، وهو للبر كالمسطح للتمر، والمجن -بكسر الميم- هو الترس، وقد ذكرناه فيما مضى.

                                                قوله: "ففيه غرامة مثلية" قد مر أن هذا كان في ابتداء الإسلام فنسخ بنسخ الربا.

                                                وقال أبو عمر: لا أعلم أحدا قال بتضعيف القيمة غير أحمد بن حنبل، وسائر العلماء يقولون بالقيمة أو المثل، وباقي الكلام ظاهر.




                                                الخدمات العلمية