الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  تأويل قوله تعالى : ( فتيمموا صعيدا طيبا )

                  قال الله - عز وجل - : ( فتيمموا صعيدا طيبا ) ، وكان قوله - عز وجل - : ( فتيمموا ) من المحكم عند جميع العلماء ، وتأويله عندهم : اقصدوا صعيدا كما قال الله - عز وجل - : ( ولا آمين البيت الحرام ) ، يعني : قاصدين ، وكما قال الله - عز وجل - : ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ) يعني : ولا تقصدوا ، وسنذكر ما روي في ذلك في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله ، وكان قوله - عز وجل - : ( صعيدا طيبا ) من المتشابه المختلف في المراد به ما هو ؟

                  فقال بعضهم : كل شيء من الأرض من رمل ، وتراب ، أو زرنيخ ، أو مغرة ، أو ما سوى ذلك فهو صعيد ، وممن قال ذلك منهم أبو حنيفة ، وزفر .

                  وقال بعضهم : الصعيد الطيب : التراب النظيف دون ما سواه مما يخرج من الأرض .

                  ولما اختلفوا في ذلك ، ولم نجد لما اختلفوا فيه دليلا في كتاب الله - عز وجل - التمسناه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدناه فيها .

                  100 - حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه [ ص: 103 ] وسلم ، قال : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : جعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وأرسلت إلى الأحمر والأبيض ، وأعطيت الشفاعة " .

                  قال لنا المزني : قال لي الشافعي : ثم جلست إلى سفيان فذكر هذا الحديث ، فقال الزهري ، عن أبي سلمة ، أو سعيد ، عن أبي هريرة ، ثم ذكره .

                  101 - حدثنا أبو بكرة ، قال : حدثنا أبو داود ، صاحب الطيالسة ، قال : حدثنا المسعودي ، عن مزاحم بن زفر الضبي ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . وزاد فيه فادخرتها لأمتي يوم القيامة .

                  فلما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله - عز وجل - جعل له الأرض مسجد وطهورا ، وكان المراد بالمسجد الصلاة عليها ، والمراد بالطهور التيمم بها ، كانت كل أرض جازت الصلاة عليها جازت التيمم بها ، فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة وزفر في ذلك .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية