الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  أحكام القرآن الكريم للطحاوي

                  الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

                  صفحة جزء
                  ولما ثبت ألا تصام هذه الأيام عن قضاء رمضان ، كما لا يصام يوم النحر ، ولا يوم الفطر ، ثبت أن لا تصام عن كفارة يمين ، ولا عن كفارة ظهار ، ولا عن كفارة قتل خطأ ، ولا عن كفارة إفطار في رمضان ، ولا عما سوى ذلك مما يجب فيه الصوم تطوعا وهكذا كان أبو حنيفة ، ومالك ، وزفر ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي يقولون في هذا غير أن مالكا كان يقول في المتمتع : إذا لم يجد الهدي ، ولم يصم في العشر ، أنه يصوم أيام التشريق . وقد روي هذا القول عن عائشة ، وابن عمر .

                  882 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا أبو كامل الفضيل بن الحسن الجحدري ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عبد الله بن عيسى ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، وعن سالم ، عن ابن عمر ، قالا : " لم يرخص في صوم أيام التشريق من الأيام التي تصام عما سوى التمتع ، وسوى الإحصار في قول من يوجب الصوم في الإحصار " .

                  وفيه النهي عن صيامهما لما سوى هذين الوجهين ، غير أنا لم نجد أحدا ممن روى هذا الحديث عن الزهري ساقه بهذا اللفظ غير عبد الله بن عيسى ، فأما من سواه من أصحاب الزهري ، مالك ، وإبراهيم بن سعد فرووه بلفظ سوى هذا اللفظ .

                  883 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها كانت تقول : " الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هديا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة ، فمن لم يصم صام أيام منى " [ ص: 411 ] .

                  884 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، بمثل ذلك .

                  885 - حدثنا محمد بن النعمان ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، وعن سالم ، عن أبيه : " أنهما كانا يرخصان للمتمتع إذا لم يجد هديا ، ولم يكن صام قبل عرفة ، أن يصوم أيام التشريق " .

                  وأصل الحديث في هذا كما رواه مالك ، وإبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب لا كما رواه عبد الله بن عيسى ، لأن عائشة كانت تصوم أيام التشريق تطوعا ، وكان عروة يصومها أيضا كذلك .

                  886 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، قال : أخبرني أبي ، قال : " كانت عائشة رضي الله عنها تصوم أيام منى ، وكان أبي يصومها " فاستحال بذلك أن تكون عائشة قد ثبت عندها ما رواه عبد الله بن عيسى في حديث أبي عوانة ، الذي ذكرنا من النهي عن صيام أيام التشريق عن غير التمتع ، وعن غير الإحصار ، ثم تصومها هي تطوعا .

                  واستحال بذلك أن يكون عروة قد سمع ذلك من عائشة ، ثم يصوم هو أيام التشريق تطوعا ، وصومها إياها تطوعا على ما في حديث هشام هذا ، إنما هو عندنا والله أعلم ، على أنه لم يتصل بها نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيامها .

                  وفي صيام أيام التشريق عن التمتع ، وعن الإحصار كلام كثير ليس هذا موضعه ، وسنأتي به في موضعه من كتاب المناسك من كتاب أحكام القرآن .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية