الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حبل ) ‏ ( هـ ) في صفة القرآن كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض أي نور ممدود ، يعني نور هداه‏ . ‏ والعرب تشبه النور الممتد بالحبل والخيط‏ . ‏ ومنه قوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود يعني نور الصبح من ظلمة الليل‏ .

                                                          * وفي حديث آخر وهو حبل الله المتين : ‏ أي نور هداه‏ . ‏ وقيل عهده وأمانه الذي يؤمن من العذاب ، والحبل‏ : ‏ العهد والميثاق ‏ ( هـ ) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه عليكم بحبل الله أي كتابه‏ . ‏ ويجمع الحبل على حبال ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه الحديث " بيننا وبين القوم حبال " أي عهود ومواثي ، ومنه حديث دعاء الجنازة اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك كان من عادة العرب أن يخيف بعضها بعضا ، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيد كل قبيلة فيأمن به ما دام في حدودها حتى ينتهي إلى الأخرى فيأخذ مثل ذلك ، فهذا حبل الجوار‏ : ‏ أي ما دام مجاورا أرضه ، أو هو من الإجازة‏ : ‏ الأمان والنصرة * وفي حديث الدعاء يا ذا الحبل الشديد هكذا يرويه المحدثون بالباء ، والمراد به القرآن ، أو الدين ، أو السبب ، ومنه قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وصفه بالشدة لأنها من صفات الحبال‏ . ‏ والشدة في الدين‏ : ‏ الثبات والاستقامة‏ . ‏ قال الأزهري‏ : ‏ الصواب الحيل بالياء ، وهو القوة ، يقال حول وحيل بمعنى .

                                                          [ ص: 333 ] ومنه حديث الأقرع والأبرص والأعمى ( أنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ) أي الأسباب ، من الحبل‏ : السبب .

                                                          ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث عروة بن مضرس ( أتيتك من جبلي طيئ ما تركت من حبل إلا وقعت عليه ) الحبل‏ : ‏ المستطيل من الرمل وقيل‏ : ‏ الضخم منه ، وجمعه حبال‏ . ‏ وقيل‏ : ‏ الحبال في الرمل كالجبال في غير الرمل .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ ومنه حديث بدر ( صعدنا على حبل ) أي قطعة من الرمل ضخمة ممتدة .

                                                          * ومنه الحديث ( وجعل حبل المشاة بين يديه ) أي طريقهم الذي يسلكونه في الرمل‏ . ‏ وقيل أراد صفهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيها بحبل الرمل .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي حديث أبي قتادة ( فضربته على حبل عاتقه ) هو موضع الرشداء من العنق‏ . ‏ وقيل هو ما بين العنق والمنكب ، وقيل هو عرق أو عصب هناك‏ . ‏ ومنه قوله تعالى ونحن أقرب إليه من حبل الوريد . الوريد‏ : ‏ عرق في العنق ، وهو الحبل أيضا فأضافه إلى نفسه لاختلاف اللفظين‏ .

                                                          * وفي حديث قيس بن عاصم ( يغدو الناس بحبالهم ، فلا يوزع رجل عن جمل يخطمه ) يريد الحبال التي تشد بها الإبل‏ : ‏ أي يأخذ كل إنسان جملا يخطمه بحبله ويتملكه‏ . ‏ قال الخطابي‏ : ‏ رواه ابن الأعرابي ( يغدو الناس بجمالهم ) والصحيح بحبالهم‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفي صفة الجنة ( فإذا فيها حبائل اللؤلؤ ) هكذا جاء في كتاب البخاري‏ . ‏ والمعروف جنابذ اللؤلؤ‏ . ‏ وقد تقدم ، فإن صحت الرواية فيكون أراد به مواضع مرتفعة كحبال الرمل ، كأنه جمع حبالة ، وحبالة جمع حبل ، وهو جمع على غير قياس .

                                                          * وفي حديث ذي المشعار ( أتوك على قلص نواج ، متصلة بحبائل الإسلام ) أي عهوده وأسبابه ، على أنها جمع الجمع كما سبق‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏ وفيه ( النساء حبائل الشيطان ) أي مصايده ، واحدها حبالة بالكسر‏ : ‏ وهي ما يصاد بها من أي شيء كان .

                                                          * ومنه حديث ابن ذي يزن ( وينصبون له الحبائل ) ‏ .

                                                          [ ص: 334 ] ( هـ ) وفي حديث عبد الله السعدي ( سألت ابن المسيب عن أكل الضبع فقال : أويأكلها أحد ؟ فقلت : إن ناسا من قومي يتحبلونها فيأكلونها ) أي يصطادونها بالحبالة .

                                                          ‏ ( هـ ) وفيه لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الحبلة وورق السمر الحبلة بالضم وسكون الباء‏ : ‏ ثمر السمر يشبه اللوبياء‏ . ‏ وقيل هو ثمر العضاة .

                                                          * ومنه حديث عثمان رضي الله عنه ( ألست ترعى معوتها وحبلتها ) وقد تكرر في الحديث‏ .

                                                          ‏ ( هـ ) وفيه لا تقولوا للعنب الكرم . ولكن قولوا العنب والحبلة الحبلة - بفتح الحاء والباء ، وربما سكنت - الأصل أو القضيب من شجر الأعناب .

                                                          ‏ [ ‏ هـ ‏ ] ‏ ومنه الحديث ( لما خرج نوح من السفينة غرس الحبلة ) * وحديث ابن سيرين ( لما خرج نوح من السفينة فقد حبلتين كانتا معه ، فقال له الملك : ذهب بهما الشيطان ) يريد ما كان فيهما من الخمر والسكر‏ .

                                                          ‏ ( هـ ) ومنه حديث أنس رضي الله عنه ( كانت له حبلة تحمل كرا ، وكان يسميها أم العيال ) أي كرمة .

                                                          ‏ ( هـ ) وفيه ( أنه نهى عن حبل الحبلة ) الحبل بالتحريك‏ : ‏ مصدر سمي به المحمول ، كما سمي بالحمل ، وإنما دخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه ، فالحبل الأول يراد به ما في بطون النوق من الحمل ، والثاني حبل الذي في بطون النوق وإنما نهي عنه لمعنيين أحدهما أنه غرر وبيع شيء لم يخلق بعد ، وهو أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة ، على تقدير أن تكون أنثى ، فهو بيع نتاج النتاج‏ . ‏ وقيل‏ : ‏ أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل في بطن الناقة ، فهو أجل مجهول ولا يصح‏ .

                                                          * ومنه حديث عمر رضي الله عنه ( لما فتحت مصر أرادوا قسمتها ، فكتبوا إليه فقال : لا ، حتى يغزو منها حبل الحبلة ) يريد حتى يغزو منها أولاد الأولاد ، ويكون عاما في الناس والدواب : ‏ أي يكثر المسلمون فيها بالتوالد ، فإذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأولاد ، أو يكون أراد المنع من القسمة حيث علقه على أمر مجهول‏ .

                                                          [ ص: 335 ] ( ‏ هـ س‏ ) ‏ وفي حديث قتادة في صفة الدجال ( أنه محبل الشعر ) أي كأن كل قرن من قرون رأسه حبل‏ . ‏ ويروى بالكاف‏ . ‏ وقد تقدم .

                                                          * وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع مجاعة بن مرارة الحبل هو بضم الحاء وفتح الباء‏ : ‏ موضع باليمامة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية