الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

عملية إجهاض القيم

إن قيام إسرائيل حقق أهدافا كثيرة: أقام الجيوب الطائفية والنزعات الإقليمية ونشطها، وامتص طاقات وخبرات المنطقة اقتصاديا، وساهم بتكريس واقع التجزئة، وخرب عالم الأفكار.. ولا يمكن أن نفهم أسباب الهزائم المتكررة، وأسباب الانهيار أمام إسرائيل إلا إذا عدنا إلى جوهر الأفكار التي نحملها إلى مدارسنا وجامعاتنا، إلى وسائل إعلامنا المتعددة، إلى بيوتنا وشوارعنا، إلى واقعنا، فسوف لا نرى فيه أثرا من هـويتنا الأصيلة.. ولا سبيل إلى الخلاص إلا إذا جددنا انتماءنا إلى هـذا الدين والتزمنا به، وعدنا إلى تاريخنا نستلهمه، ودرسنا عوامل النهوض ووسائله من الإعداد والاستعداد وشروطه، وأول هـذه الشروط أن يشمل التغيير بنيتنا الفكرية.. والحذر كل الحذر من طرح شعارات إسلامية للتحرير دون أن يكون من ورائها إعداد وتربية وفكر والتزام، لأن طرح الشعارات دون إيجاد المقدمات الحقيقية إنما هـو عملية إجهاض لها، وبذلك تفتقد الأمة الأمل الباقي لها، ذلك أن أي محاولة للتغيير ضمن الشروط نفسها، وعلى الأرض ذاتها، ومن خلال البنية ذاتها سوف لا يعني إلا المزيد من الارتكاس أو الإنهاك حتى لو تغيرت الشعارات المطروحة والعناوين المرفوعة للتحرير..

إن صلاح الدين - رحمه الله - بدأ بنفسه فغيرها، واستشعر المسئولية أمام الله عز وجل ، فأنهى واقع العطالة والفساد والتجزئة في عالم المسلمين، وبنى جيل التحرير، وكذلك قام الفقهاء والعلماء والأمراء والقادة بمسئولياتهم، فكان نصر الله، وكان تحرير المقدسات، ذلك أن المجتمع المفكك الفاقد لثقافته لا يمكن أن ينتج قوة عسكرية قادرة ومتماسكة، والإنسان المتخلف ثقافيا واقتصاديا وتربويا لا يمكن أن يكون متفوقا عسكريا.. ومهما ارتفعت أصواتنا في استدعاء (صلاح الدين) جديد، واشتدت معارك الشعارات على أرضنا، فلا سبيل إلى التحرير واسترداد بيت المقدس دون العزم على إعداد جيل التحرير الذي يمثل الوليد الشرعي لعقيدة الأمة ووجودها التاريخي، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله

[رجب: 1404 هـ- نيسان (أبريل) : 1984م] [ ص: 154 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية