الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

تقوى الله في النساء

( اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ) مما لا شك فيه أن قضية المرأة، وموقع المرأة في الحياة الإسلامية، وخاصة في عهود التخلف، تحكم فيها أكثر من عامل، واختلطت فيها المفاهيم، والتبست العادات السائدة في بعض المجتمعات الإسلامية، بالأحكام الشرعية حتى لنكاد نقول: إن كثيرا من العادات قد ألبست الثوب الإسلامي واعتبرت من الدين، أو اعتبرت دينا لدرجة غابت معها الصورة العملية للمرأة المسلمة، وعلى الرغم من العنوان الإسلامي لكثير من الأسرار أن الثقافة الجاهلية تضغط على تصرفاتنا تجاه المرأة بين التسييب المطلق والتشديد الذي يفقدها إنسانيتها، [ ص: 199 ] الأمر الذي ينأى عنه دين الله عز وجل ويأباه شرعه.

ولا شك أيضا أننا أوتينا من قبل المرأة، وغزينا من طريق الأسرة، وأقمنا المعارك لحماية حدودها والحيلولة دون اقتحامها، لكننا عدنا إلى الأسرة المسلمة فلم نجدها، لم نجد المرأة المسلمة فعلا، والطفل والتربية الإسلامية والممارسة الإسلامية.

وكثير منا تأبى عليه نفسه وثقافته أن يعطي المرأة المسلمة دورها في الحياة الذي مارسته زمن الرسول صلى الله عليه وسلم من التعليم والرواية والمبايعة والمشاركة في الجهاد ومعرفة الحياة، وإلا فكيف يمكن لها أن تقوم بدورها وتؤدي رسالتها، وتعد أطفالها لعصر لا تدرك طبيعته ولا تعرف مشكلاته، ولا تشارك في قضاياه؟! وهناك حقيقة تغيب عن بالنا في ظل التقاليد والعادات التي أصبحت من الدين، وهي أن الإكرام في الإسلام: الأتقى؛ فليس الأكرم: الذكر، وليس الأكرم: الأنثى، وإنما الأكرم: الأتقى؛ وإن خطاب التكليف جاء للرجل وللمرأة على حد سواء، وإن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الإنسانية العامة ليست محل نظر وبعدها يبقى لكل اختصاصه في مجال الحياة، وبالتالي لا يمكن المقايسة وطرح قضية المساواة بين اختصاصين متباينين، فالمرأة في اختصاصها أفضل من الرجل في اختصاصها ومقدمة عليه، والرجل في اختصاصه أفضل من المرأة في اختصاصه ومقدم عليها، أما في مجال الحقوق الإنسانية فهم سواء، ولكل جزاؤه: ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ) (النحل: 97) والقوامة التي شرعها الله ( الرجال قوامون على النساء ) (النساء: 34) إنما هـي للإشراف والإدارة في البنية الاجتماعية الأولى التي لا يمكن أن تترك تأكلها الفوضى، وليست للتشريف والتعالي، فلا بد من تفكيك الصورة الموروثة وأخبارها وتنقيتها مما لحق بها لنرى صورة المرأة المسلمة خالية من كل غبش، ونستجيب لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : ( .. اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله.. ) [ ص: 200 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية