الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

أمر الجاهلية

( .. إن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي.. ) ، ( إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء.. )

إن الجاهلية ارتكاس وهبوط ورجعية، إنها رفض الخضوع لحكم الله عز وجل ، وسقوط في الطاغوت بكل أشكاله، قال تعالى: ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) (المائدة: 50) إن أمر الجاهلية وظهور النزعات الإقليمية الذي بدأ ولا يزال مستمرا، هـو الذي مزق الأمة وأنهك قواها، إن الحدود التي وضعها المستعمر، وفرق عندها وحدة المسلمين، يستميت بعضنا في الدفاع عنها، وإن النزعات الجاهلية التي نبش قبورها المستعمر. نحاول أن نهب لها الحياة ونمنحها الاستمرار!!. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( دعوها فإنها منتنة.. ) وبعضها يصر على الاستمساك بها!!

إن التراجع الإسلامي عودة إلى الجاهلية، وإن الجاهلية جاهزة للانقضاض في كل لحظة ضعف إسلامية، إنها حاولت الانقضاض في غزوة بني المصطلق ، والرسول صلى الله عليه وسلم يرعى المسيرة ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ ) وأطلت القيسية واليمنية برأسها على الصورة الإسلامية بشكل مبكر، ومبكر جدا، والخطورة كل الخطورة الآن أن نفصل الأثواب الإسلامية لنلبسها لأمور الجاهلية الحديثة، فنمارس الجاهلية تحت عناوين وشعارات إسلامية!!

إن مساحة الجاهلية في حياة الإنسان المسلم تتسع وتضيق بقدر ما يوفقه الله للرؤية الإسلامية والانضباط بها، وإن سقوط الإنسان في بعض أمور الجاهلية لا يعني أن نسلب عنه إسلامه، كما يحلو لبعضهم، من الذين يمارسون إشاعة هـذا المصطلح ويحاولون تعميمه، ذلك أن التعميم لون من العامية في الرؤية، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر عندما عير بلالا بأمه: ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) إن سلوك التعيير هـذا ينتسب إلى الجاهلية، ولا يعني بحال من الأحوال سلب أبي ذر رضي الله عنه فضله وإسلامه وجهاده.. فهل يكون موسم الحج ونداء حجة الوداع فرصة لمطاردة الجاهلية في نفوسنا، وتخليص مجتمعنا الإسلامي من [ ص: 197 ] بعض مفهوماتها وأمورها بالحكمة والموعظة الحسنة؟! ذلك أن فقدان الحكمة في الموضوع قد يؤدي إلى تكريسها واستغلالها.

التالي السابق


الخدمات العلمية