الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

نظرات في مسيرة العمل الإسلامي

عمر عبيد حسنة

وحدة العالم الإسلامي

وهذا لا يعني بالطبع التخلص النهائي من بعض الشراذم والأعشاب الضارة التي ما تزال تعيش في الحقل الإسلامي، وتمارس عملية النفاق الاجتماعي لإخفاء حقيقتها وتعمل لمصلحة غير المسلمين، لأن الشر من لوازم الخير، قال تعالى: ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هـاديا ونصيرا ) (الفرقان: 31) كما استطاعت الدعوة الإسلامية الحديثة الاحتفاظ بشعور المسلمين بوحدة العالم العربي والإسلامي وإقناعهم بأن ذلك دين لا يجوز التفريط فيه، قال تعالى: ( إن هـذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) (الأنبياء: 92) فالأمم أقوى من الحكومات، والمبادئ أبقى من السياسات رغم واقع التجزئة الذي جاء به الاستعمار الحديث ليثأر لهزيمة الحروب الصليبية بعد أن أجمع على تقطيع أوصال دولة الخلافة، وأمعن في تفتيت وتذويب العالم العربي - قلب الأمة الإسلامية ودماغها - وفرض واقع التجزئة وأقام الكيانات الإقليمية والدويلات مستخدما كل النزعات القبلية والعشائرية والعائلية والجنسية والقومية، وبعث كل الفوارق من مرقدها لتكون حواجز في وجه الأمة الواحدة على شكل لم يحدث له مثيل في العالم حتى بعد الاقتسام الاستعماري لتركة الرجل المريض!! ذلك أن التمزيق لم يأت بحسب جنسية الاستعمار، وإنما مزقت البلاد العربية والإسلامية شر ممزق، وقطعت إربا رغم أن العلم الاستعماري كان واحدا، فالبلاد العربية التي كانت تابعة للاستعمار البريطاني وواقعة تحت انتدابه، كالعراق وفلسطين والأردن ، جعل لكل منها كيانها الخاص، وفي مناطق أخرى من العالم العربي كانت واقعة تحت الحماية البريطانية حيث بلغت التجزئة وعدد الدويلات صورة لا يقبلها العقل.. كما قسم الاستعمار الفرنسي سورية ولبنان ، وجعل المغرب العربي مغارب، ورسم الحدود وضمن حراستها، وأقام السدود والحواجز حتى بات العربي المسلم اليوم قادرا على التحرك في معظم أنحاء العالم إلا في وطنه العربي.. وكذلك حاول الاستعمار إيجاد البدائل الفكرية والسياسية والتربوية على الأرض الإسلامية على شكل لم يحدث ما يشبهه في مختلف مناطق الاستعمار في العالم، ونبش القبور وقرأ الحجارة والصخور في محاولة يائسة لتثبيت الكيانات ودعم الدويلات [ ص: 53 ] باسم الفن الشعبي والفلكلور، وغير ذلك كثير من المصطلحات..

التالي السابق


الخدمات العلمية