الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            النظم التعليمية عند المحدثين في القرون الثلاثة الأولى

            الأستاذ / المكي أقلانية

            المبحث الثاني

            الإشراف التربوي والتعليمي للرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه

            هذا الإشراف يتجلى في كثير من المواضع، ولا غرو في ذلك، فقد كان يهدف إلى تكوين جيل قادر على النهوض بالإنسانية، جيل يكون قدوة لمن بعده، فكان قرنه خير القرون [1] ، ولما أحس بالطمأنينة إلى سلامة تكوينهم، أمر الناس باتباع سنة الخلفاء الراشدين الذين يلونه إلى جانب الأخذ بسنته [2]

            ومن أوجه الإشراف:

            1- تعليم الصحابة مبادئ الدين الحنيف، فيبين لهم ما كلفوا به، وما يستحب لهم أن يقوموا به، وما لا يجوز اقترافه.

            2- تعليم الصحابة أدعية يتوجهون بها إلى الله سبحانه وتعالى ، رغبة في واسع رحمته. وهو في ذلك يستعمل أسلوب التشويق، ليستميل وجدان السامع وعقله، فيكون في كامل وعيه. ومن ذلك ما ورد [ ص: 113 ] ( عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أن النبي عليه السلام قال له: أعطيك خمسة آلاف شاة أو أعلمك خمس كلمات؟ فيهن صلاح دينك ودنياك؟ فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خمسة آلاف شاة كثير، ولكن علمني، فقال: قل اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي خلقي وطيب لي كسبي، وقنعني بما رزقتني، ولا تذهب قلبي إلى شيء صرفته عني ) [3]

            وتجدر الإشارة إلى أن هـذا التعليم، كان يعتمد على الضبط التام. لهذا نراه عليه السلام ، يهتم بنفسه بتحفيظ أصحابه، وكثير من النصوص تبين ذلك، منها ما جاء ( عن ابن عمر ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعلم الناس التشهد، كما يعلم المكتب الغلمان ) [4]

            ( وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا هـذه الكلمات تعليم المكتب الغلمان الكتابة: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر ) [5]

            وهذا ما يدعونا إلى الاطمئنان إلى ما ينقلون.

            3- تدريبه الصحابة على القضاء واستنباط الأحكام، حتى يكونوا أهلا للقيام بهذه المهمة بعده. من ذلك ما ورد

            ( عن عبد الله بن عمرو قال: " جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص : اقض بينهما، قال: وأنت هـاهنا يا رسول الله؟ [ ص: 114 ] قال: نعم. قال: على ما أقضي؟ قال: إن اجتهدت فأصبت لك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد ) [6]

            ( وعن عقبة بن عامر قال: جاء خصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسل، يختصمان فقال لي: قم يا عقبة، اقض بينهما... ) [7]

            وقد تضافرت الأحاديث التي يأمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالقضاء بحضرته، وهذا يدل على ارتباط العلم بالتطبيق، إذ لا يكتفي النبي بالكلام المجرد، بل ينتقل إلى المجال العملي أمام الصحابة، ويدربهم على ذلك أيضا.

            4- وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم التي كان يوجهها لأصحابه ليتمسكوا بها حتى يكونوا خير نموذج يقتدى به. والأمثلة على ذلك كثيرة.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية