الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            النظم التعليمية عند المحدثين في القرون الثلاثة الأولى

            الأستاذ / المكي أقلانية

            المبحث الخامس

            انتقاء مجالس العلم

            إذا كان الحث على حضور مجالس العلم منذ وقت مبكر جدا، فإن ضرورة الانتقاء قد فرضت نفسها مع الأيام، فالناس يتفاوتون في العلم، كما يتفاوتون في الورع، هـذا التفاوت الذي يدفع بالبعض إلى التحري قبل التكلم، وبالآخرين إلى الكلام دون التحري، أو عدم الضبط، أو الكذب. [ ص: 48 ]

            من أجل ذلك، نجد الحسن البصري يقول: " انتقوا الإخوان، والأصحاب، والمجالس " [1]

            ومثل هـذه التوصيات منقولة أيضا عن غيره، ممن يريدون الخير لهذه الأمة.

            وقد كان الطلبة يخضعون للتوجيه، فيبين لهم من هـم الأكفياء، الذين يجب الأخذ عنهم، كما يبين لهم المتسلطين على هـذا الأمر، وليسوا أهلا لهذا الشأن، ممن يريدون الارتزاق أو تشويه الحقائق. ذلك أن أرباب العلم معروفون وسفلة القوم مميزون.

            وقد يفضل شخص على آخرين في علم معين، لتفوقه فيه، فيشار إليه بالبنان، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، إذ " قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس بالجابية وقال: يا أيها الناس من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب رضي الله عنه ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت رضي الله عنه ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل رضي الله عنه ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني..؟ فإن الله جعلني له واليا وقاسما " [2]

            ومن البدهي أن مثل هـذا التفضيل لا يحط من قيمة المفضول، أو الذي لم يذكر، ولكن هـذا من باب الإشارة إلى من عرفوا بطول الباع، وتميزهم في علم معين ( وفوق كل ذي علم عليم ) [يوسف:76] [ ص: 49 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية