الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        ثالثا: أي وجهة لنا في عالم الفوضى؟

        أشرنا في مستهل حديثنا، إلى أن بن نبي كتب كتابه هذا في النصف الأول من القرن العشرين، قاصـدا تحليل ظاهرة الاستعمار، وبيان الجهود التي بذلهـا المصلحـون والمجددون على حـد سواء من أجل الخروج من التيه والضياع...

        وبن نبي استعمل جملة (وجهة العالم الإسلامي) ليحلل من خلالها مرحلة تاريخية من مسيرة الحضارة الإسلامية، هي في الحقيقة نتاج لمقدمات ضاربة بجذورها بعيدا إلى أن تصل الأمة الإسلامية ذاتها... ونحن إذ نسترجع العنوان ذاته للنظر في المرحلة التاريخية الحالية، مرحلة (العولمة) لا يمكن أن نبقي العنوان كما وضعة الأستاذ في بداية القرن الماضي، وإنما علينا أن ننهي الجملة بعلامة تعجب(!) أو بعلامة استفهام(؟)، ذلك أن الملابسات التي صاحبت تحليل الأستاذ لظاهرة الاستعمار في بداية القرن العشرين، كانت توفر للمحلل (هامشا) معقولا يستشرف من خلاله مستقبل أمته، بيد أن عالم (العولمة) اليوم يكاد يغلق أمام المحلل كل آفاق نحو الخارج المشرفة، فهو لا يملك جرأة الأستاذ في بداية القرن ليتكلم عن (وجهة العالم الإسلامي)، وإنما سيجد نفسه في وضع الحائر المتعجب (فيضع علامة تعجب)، أو في وضع التائه المتسائل (فيضع علامة استفهام). [ ص: 164 ]

        ولنتذكر ما ألمحنا من قبل، من أننا في هذه الدراسة لا نريد أن نجاري الأستاذ في تفصيلات قراءته لظاهرة الاستعمار، وإنما غرضنا أن نستهدي بتحليلاته في عمومها، لنجيب عن سؤال الموقف من العولمة: (هل نحن في مستوى مواجهتها- إن نحن رفضنـاها-؟ أم نحن في مستوى المشاركة فيها -إن نحن قبلناها-؟)، وهل تخلصنا من إنسان ما بعد الموحدين، بما فيه من معوقات تحول بيننا وبين المواجهة أو المساهمة؟

        التالي السابق


        الخدمات العلمية