الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        - المخرج... وعي المسلم بدوره ورسالته المزدوجة:

        كتاب (وجهة العالم الإسلامي) استشرف من خلاله الأستاذ القرن العشرين، ونبه به إلى جملة العلل والاختلالات التي أصابت الإنسان المسلم، والذي انتهى به المطاف إلى أن يجد نفسه محاصرا بالفوضى من جهة والتوازن مع التخلف من جهة أخرى.

        فبدا التساؤل عن المخرج تساؤلا مشروعا وضع له الأستاذ أجوبة استشرافية في النصف الثاني من القرن العشرين... وذلك من خلال محاضرتين سنة 1392هـ/1972م بدمشق، الأولى برابطة الحقوقيين تحت عنوان: (دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين) ، والثانية بمسجد المرابط تحت عنوان: (رسالة المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين).

        عمق من خلال هاتين المحاضرتين جملة الأفكار التي رصدناها معه في (وجهة العالم الإسلامي) ... فتحدث عن الأزمة التي تمر بها المجتمعات الإنسانية وهي تقترب من نهاية القرن العشرين، فبين أزمة الغرب الذي فقدت فيه حضارته مبررات وجودها الاجتماعية، فراحت تبحث عن التعويض فانتهت إلى الفوضى والعدمية، وأزمة العالم الإسلامي الذي تعمقت فيه أيضا مظاهر التخلف.

        ثم طرح أفكارا طلب من مستمعيه أن يعيدوا قراءتها بعد ثلاثين سنة، بل تحدث صراحة عن العالم في سنة ألفين. [ ص: 170 ]

        يقول -مخاطبا الشباب-: "فلكم أنتم أيها الشباب بعد ثلاثين سنة أن تروا الحقيقة سافرة كما هي، أما نحن في جيلنا فلا نرى إلا توقعات، ونحاول أن نرى من خلال هذه التوقعات جانبا من مصير الإنسانية" [1] .

        ويفصح عن هذه التوقعات بقوله: "ولهذا أصبح الثلث الأخير هذا مليئا بكل التوقعات وسينصب قريبا في سنة (ألفين) التي تضع أمام الإنسانية جمعاء أخطر نقـط الاستفهـام على مصـير الإنسانية منذ بدايتها، لأننا لا ندري في الحقيقة كيف تنتهي هذه الحقبة من الزمن" [2] .

        هكذا هو بن نبي، (يتوقع ) ويستشرف، وكأنه ينظر إلى المستقبل من خلال حجاب رقيق، فيتحدث في سنة (1972) عما سيحدث بعد ثلاثين سنة، فإذا هو يصف ظاهرة النظام الدولي الجديد، ثم ما تولد عنه من اضطراب في أودية (العولمة). [ ص: 171 ]

        ولهذا آثرنا أن نختم رحـلتنا مع كتاب (وجهة العالم الإسلامي)، بالمخـرج الذي اقترحه بن نبي في محاضرتيه؛ لأنهما تشكلان في نظري، الخاتمـة المناسبة للأفـكار التي طرحـها في بداية القرن العشـرين من جهة، ومن جهة ثانية لأنهما تخاطبان المسلم في بداية القرن الواحد والعشرين، قرن (العولمة).

        التالي السابق


        الخدمات العلمية