الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        المسلك الثاني

                        النص على العلة

                        قال في المحصول : ونعني بالنص ما يكون دلالته على العلة ظاهرة ، سواء كانت قاطعة أو محتملة .

                        أما القاطع : فما يكون صريحا ، وهو قولنا لعلة كذا ، أو لسبب كذا ، أو لمؤثر كذا ، أو لموجب كذا ، أو لأجل كذا كقوله تعالى : من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل . وأما الذي لا يكون قاطعا فثلاثة اللام ، وإن ، والباء .

                        [ ص: 615 ] أما اللام فكقولنا : ثبت لكذا ، كقوله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

                        وأما " إن " فكقوله - صلى الله عليه وسلم - : إنها من الطوافين

                        وأما الباء فكقوله تعالى : ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله

                        هذا حاصل كلامه .

                        قال الإمام الشافعي : متى وجدنا في كلام الشارع ما يدل على نصبه أدلة وإعلاما ابتدرنا إليه ، وهو أولى ما يسلك .

                        واعلم أنه لا خلاف في الأخذ بالعلة إذا كانت منصوصة ، وإنما اختلفوا هل الأخذ بها من باب القياس ، أم من العمل بالنص ؟

                        فذهب إلى الأول الجمهور ، وذهب إلى الثاني النافون للقياس ، فيكون الخلاف على هذا لفظيا ، وعند ذلك يهون الخطب ، ويصغر ما استعظم من الخلاف في هذه المسألة .

                        قال ابن فورك : إن الأخذ بالعلة المنصوصة ليس قياسا ، وإنما هو استمساك بنص لفظ الشارع ، فإن لفظ التعليل إذا لم يقبل التأويل عن كل ما تجري العلة فيه; كان المتعلق به مستدلا بلفظ قاض بالعموم .

                        واعلم أن التعليل قد يكون مستفادا من حرف من حروفه ، وهي كي ، واللام ، وإذن ، ومن ، والباء ، والفاء ، وإن ، ونحو ذلك ، وقد يكون مستفادا من اسم من أسمائه ، وهي : لعلة كذا ، لموجب كذا ، بسبب كذا ، لمؤثر كذا ، لأجل كذا ، [ ص: 616 ] ( لجراء كذا ، لعلم كذا ) بمقتضى كذا ، ونحو ذلك ، وقد يكون مستفادا من فعل من الأفعال الدالة على ذلك ، كقوله : عللت بكذا ، وشبهت كذا بكذا ، ونحو ذلك ، وقد يكون مستفادا من السياق ، فإنه قد يدل على العلة كما يدل على غيرها .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية