الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حكم ) في أسماء الله تعالى " الحكم والحكيم " هما بمعنى الحاكم ، وهو القاضي . والحكيم [ ص: 419 ] فعيل بمعنى فاعل ، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها ، فهو فعيل بمعنى مفعل . وقيل : الحكيم : ذو الحكمة . والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم . ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها : حكيم .

                                                          * ومنه حديث صفة القرآن " وهو الذكر الحكيم " أي الحاكم لكم وعليكم ، أو هو المحكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب ، فعيل بمعنى مفعل ، أحكم فهو محكم .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن عباس " قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " يريد المفصل من القرآن ، لأنه لم ينسخ منه شيء . وقيل : هو ما لم يكن متشابها ; لأنه أحكم بيانه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره .

                                                          * وفي حديث أبي شريح " أنه كان يكنى أبا الحكم ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الله هو الحكم ، وكناه بأبي شريح " . وإنما كره له ذلك لئلا يشارك الله تعالى في صفته .

                                                          ( هـ ) وفيه إن من الشعر لحكما أي إن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفه ، وينهى عنهما . قيل : أراد بها المواعظ والأمثال التي ينتفع بها الناس . والحكم : العلم والفقه والقضاء بالعدل ، وهو مصدر حكم يحكم . ويروى إن من الشعر لحكمة وهي بمعنى الحكم .

                                                          * ومنه الحديث " الصمت حكم وقليل فاعله " .

                                                          * ومنه الحديث الخلافة في قريش ، والحكم في الأنصار خصهم بالحكم ; لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم : منهم معاذ بن جبل ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وغيرهم .

                                                          * ومنه الحديث وبك حاكمت أي رفعت الحكم إليك فلا حكم إلا لك . وقيل : بك خاصمت في طلب الحكم وإبطال من نازعني في الدين ، وهي مفاعلة من الحكم .

                                                          * وفيه " إن الجنة للمحكمين " يروى بفتح الكاف وكسرها ، فالفتح : هم الذين يقعون في يد العدو فيخيرون بين الشرك والقتل فيختارون القتل . قال الجوهري : هم قوم من أصحاب [ ص: 420 ] الأخدود فعل بهم ذلك فاختاروا الثبات على الإيمان مع القتل . وأما بالكسر فهو المنصف من نفسه . والأول الوجه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث كعب " إن في الجنة دارا - ووصفها ، ثم قال - : لا ينزلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو محكم في نفسه " .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن عباس " كان الرجل يرث امرأة ذات قرابة فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها ، فأحكم الله عن ذلك ونهى عنه " أي منع منه . يقال أحكمت فلانا : أي منعته . وبه سمي الحاكم ; لأنه يمنع الظالم . وقيل : هو من حكمت الفرس وأحكمته وحكمته : إذا قدعته وكففته .

                                                          ( س ) وفي الحديث " ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة " . وفي رواية " في رأس كل عبد حكمة ، إذا هم بسيئة فإن شاء الله أن يقدعه بها قدعه " الحكمة : حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه ، تمنعه عن مخالفة راكبه . ولما كانت الحكمة تأخذ بفم الدابة وكان الحنك متصلا بالرأس جعلها تمنع من هي في رأسه ، كما تمنع الحكمة الدابة .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمر " إن العبد إذا تواضع رفع الله حكمته " أي قدره ومنزلته ، كما يقال : له عندنا حكمة : أي قدر . وفلان عالي الحكمة . وقيل : الحكمة من الإنسان : أسفل وجهه ، مستعار من موضع حكمة اللجام ، ورفعها كناية عن الإعزاز ، لأن من صفة الذليل تنكيس رأسه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " وأنا آخذ بحكمة فرسه " أي بلجامه .

                                                          [ هـ ] وفي حديث النخعي " حكم اليتيم كما تحكم ولدك " أي امنعه من الفساد كما تمنع ولدك . وقيل : أراد حكمه في ماله إذا صلح كما تحكم ولدك .

                                                          ( هـ ) وفيه " في أرش الجراحات الحكومة " يريد الجراحات التي ليس فيها دية مقدرة . وذلك أن يجرح في موضع من بدنه جراحة تشينه فيقيس الحاكم أرشها بأن يقول : لو كان هذا [ ص: 421 ] المجروح عبدا غير مشين بهذه الجراحة كانت قيمته مائة مثلا ، وقيمته بعد الشين تسعون ، فقد نقص عشر قيمته ، فيوجب على الجارح عشر دية الحر لأن المجروح حر .

                                                          ( س ) وفيه شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي حتى حكم وحاء هما قبيلتان جافيتان من وراء رمل يبرين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية