الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
السؤال الثالث: هب أنه من الأحكام الوجودية، فلم لا يجوز أن يكون معللا بخصوص كونه جوهرا أو بخصوص كونه عرضا. قوله: لأن كونه جوهريا يمنع من المحايثة وكونه عرضا يمنع من المباينة بالجهة، وما كان علة لقبول الانقسام إلى قسمين يمنع كونه مانعا من أحد القسمين، قلنا: ما الذي تريدون بقولكم: الوجود في الشاهد ينقسم إلى المحايث وإلى المباين بالجهة؟ إن أردتم أن الوجود في الشاهد قسمان:

[ ص: 255 ] أحدهما: أن يكون محايثا لغيره بالجهة وهو العرض، والثاني: أن يكون مباينا لغيره بالجهة وهو الجوهر؟: فهذا مسلم لكنه في الحقيقة إشارة إلى حكمين مختلفين معللين بعلتين مختلفتين، فإن عندنا وجوب كونه محايثا لغيره معلل بكونه عرضا، ووجوب كون القسم الثاني مباينا عن غيره بالجهة معلل بكونه جوهرا، فبطل قولكم: إن خصوص كونه عرضا وجوهرا لا يصلحان لعلة هذا الحكم.

وإن أردتم به أن إمكان الانقسام إلى هذين القسمين حكم واحد وأنه ثابت في جميع الموجودات التي في الشاهد، فهو باطل لأن إمكان الانقسام إلى هذين القسمين لم يثبت في شيء من الموجودات التي في الشاهد فضلا عن أن يثبت في جميعها؛ لأن كل موجود في الشاهد فهو إما جوهر وإما عرض، فإن كان جوهرا امتنع أن يكون محايثا لغيره بالجهة، فلم يكن قابلا لهذا الانقسام فثبت بما ذكرنا أن الذي قالوه مغالطة، والحاصل أن هذا المستدل أوهم أن [ ص: 256 ] قوله الموجود في الشاهد إما أن يكون محايثا لغيره أو يكون مباينا عنه بالجهة، إشارة إلى حكم واحد، ثم بنى عليه أنه لا يمكن أن يعلل هذا الحكم بخصوص كونه جوهرا لا بخصوص كونه عرضا، ونحن بينا أنه إشارة إلى حكمين مختلفين معللين بعلتين مختلفتين.

التالي السابق


الخدمات العلمية