الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وأما الكرامية فهم في مسألة كونه على العرش لم يظهر خطؤهم على التقديرين جميعا، وفي مسألة الجسم إنما يكونون مخطئين على قول الأولين فقط، إذ الآخرون من الأشعرية يوافقونهم على أن العلو يستلزم التجسيم، وظهر بذلك أن كل ما تنازع فيه هؤلاء لم يظهر فيه نفي أن يكون الله على العرش، وذلك لأن هذا هو الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو القائل سبحانه وتعالى هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله [الصف: 9] الآية ودين الحق الذي بعث به رسوله ظاهر على كل تقدير.

[ ص: 300 ] وأيضا: فإن هذا معلوم بالفطرة والبديهة، وقد ظهر بذلك أن متقدمي الأشعرية وأئمتهم هم أولى بالحق والصواب من متأخريهم، وإن كان في قولهم ما يذكر أنه خطأ. فالخطأ الذي مع المستأخرين أعظم وأكثر، وهذا لأن الكلام الذي فيه بدعة كلما كان أقرب إلى الفطرة والشرعة كان أقرب إلى الهدى ودين الحق، وكلما بعدت البدعة عن ذلك تغلظت.

وهذا مما يبين أن فطر الناس وبدائههم ممن ليس به هوى ولا تقليد، سواء كان في الأمراء أو الملوك أو غيرهم، فإنهم يعرفون بفطرتهم وبديهة عقولهم أن ما ذكره من أنه لا داخل العالم ولا خارجه إنما هو صفة المعدوم، وأن الموجودين لا بد أن يكون أحدهما قائما بالآخر محايثا له، أي يكون حيث هو يكون أو يكون مباينا له منفصلا عنه في جهة غير جهته.

التالي السابق


الخدمات العلمية