الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الخامس والثلاثون: أن تقرير ما ذكرته من مستندهم مثل تقرير المسلك القياسي في العلو، وهو أن يقال: لم نشهد موجودا قائما بنفسه إلا جسما، أو لم نشهد حيا عالما قادرا إلا جسما، فاختصاص القائم بنفسه أو الحي بكونه جسما [ ص: 618 ] دون أن يكون عرضا أو يكون لا جسما ولا عرضا، إما أن يكون لكونه موجودا قائما بنفسه، أو لما يندرج فيه واجب الوجود، أما لما يختص الممكن المحدث، فإن كان الأول والثاني وجب في كل موجود قائم بنفسه أن يكون جسما، وحينئذ فتصح حجتهم، والثاني باطل، لأنه يوجب تعليل الأمر الوجودي وهو القائم بالنفس أو كون القائم بنفسه حيا عالما قادرا بما فيه أمر عدمي، والعدم لا يصلح أن يكون علة للوجود، وقد تقدم الكلام على هذه الحجة، وأنه لم يقدح فيها بقادح. وإذا كان كذلك كان قد ذكر لهم حجة توجب أنه فوق وأنه جسم غير ما ذكروه من العلم الضروري وإن لم يقدح في ذلك بشيء، وذكر أن الأخلاف أخذوا ذلك عن الأسلاف، واتفقوا عليه، وتسمية ذلك تخيلا لا يوجب فساده إن لم يبين أنه خيال فاسد.

فظهر أن ما ذكره تقرير لقولهم بالقياس العقلي، والأثر النبوي، والإجماع الشرعي، مع ما ذكروه من الضرورة العقلية، وأنه زاد في التقرير على كونه فوق أنه مع ذلك جسم ولا ريب أن هذا قوله وقول أكثر الناس من النفاة والمثبتة، فإنهم يقولون: إن كونه فوق العرش يستلزم المعنى الذي يسميه المتكلمون جسما، ويسميه أهل الحديث حدا.

التالي السابق


الخدمات العلمية