الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الثالث: أنه قد نهى عن رفع البصر في الصلاة إلى فوق أمرا بالخشوع الذي أثنى الله على أهله حيث قال: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون [المؤمنون: 1-2] وقال: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين [البقرة: 45] والخشوع يكون مع تخفيض البصر كما قال تعالى: يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون [القلم: 42-43] وقال تعالى: يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون [المعارج: 43-44] وقال: فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر [القمر: 6-8] كما [ ص: 517 ] وصف الأصوات بالخشوع في قوله: يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا [طه: 108] وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم" فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" رواه البخاري وأكثر أهل السنن، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم". رواه مسلم وغيره.

[ ص: 518 ] ولو كان الله ليس فوق بل هو في السفل، كما هو في الفوق لا لاختصاص لأحد الجهتين به، لم يكن رفع البصر إلى السماء ينافي الخشوع، بل كان يكون بمنزلة خفضها.

التالي السابق


الخدمات العلمية