الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
السؤال السابع: سلمنا أن المؤثر في هذا الحكم ليس هو الحدوث، وأنه هو الوجود، لكن لم قلتم إنه يلزم حصوله في حق الله تعالى؟

وبيانه: أن المطلوب إنما يلزم لو كان الوجود أمرا واحدا في الشاهد والغائب، أما إذا لم يكن الأمر كذلك بل كان وقوع لفظ الوجود على الشاهد والغائب ليس إلا بالإشراك اللفظي كان هذا الدليل ساقطا بالكلية.

ثم إن الكرامية لا يمكنهم أن يقولوا بأن الوجود في [ ص: 262 ] الغائب والشاهد واحد، إذ لو كان كذلك لزمهم إما القول بكون الباري تعالى مثلا للمحدثات من جميع الوجوه، أو القول بأن وجوده زائد على ماهيته، والقوم لا يقولون بهذا الكلام.

السؤال الثامن: سلمنا أن ما ذكرتم يدل على أن الوجود هو العلة لهذا الحكم، لكن هاهنا دليل آخر يمنع منه وهو أن المقتضي لقبول الانقسام في الجوهر والعرض لو كان هو الوجود لزم في الجوهر وحده أن يقبل الانقسام إلى الجوهر والعرض وأنه محال. ولزم أيضا في العرض وحده أن يقبل الانقسام إلى الجوهر والعرض، ومعلوم أن ذلك محال فإن قالوا: إن كل جوهر وعرض فإنه يصح كونه منقسما إلى هذين القسمين نظرا إلى كونه موجودا، وإنما يمتنع ذلك الانقسام نظرا إلى مانع منفك وهو خصوصية ماهيته. قلنا: هذا اعتراف بأنه لا يلزم من كون الوجود علة لصحة أمر من الأمور أن يصح ذلك الحكم على كل ما كان موصوفا بالوجود لاحتمال أن [ ص: 263 ] تكون ماهيته المخصوصة مانعة من ذلك الحكم، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يقال: الوجود وإن اقتضى كون الشيء إما محايثا لغيره أو مباينا عنه، إلا أن خصوصية ذاته تعالى كانت مانعة من هذا الحكم، فلم يلزم من كونه تعالى موجودا كونه بحيث يكون إما محايثا للعالم أو مباينا عنه بالجهة.

التالي السابق


الخدمات العلمية