الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا وطئ الرجل امرأة وطئا حراما فهو على وجهين : إما أن يكون وطؤه هذا في الملك ، أو في غير الملك ، أما في الملك فإن كانت الحرمة بعارض على شرف الزوال لم يسقط به إحصانه كوطء امرأته الحائض والمجوسية أو التي ظاهر منها أو المحرمة أو أمته التي زوجها أو هي في عدة من غيره ; لأن ملك الحل قائم ببقاء سببه والمحرم هو الاستمتاع ، وهو نظير وطء امرأته المريضة إذا كانت تستضر بالوطء ، وهذا ; لأن مع قيام الملك بالمحل لا يكون الفعل زنى ولا في معناه ، فأما إذا كانت محرمة عليه على التأييد كأمته التي هي أخته من الرضاع ، فإنه يسقط بوطئها إحصانه في ظاهر المذهب ، وذكر الكرخي رحمه الله تعالى أنه لا يسقط به الإحصان ; لأن حرمة الفعل مع قيام الملك الذي هو مبيح ، وهو نظير ما سبق .

وجه ظاهر الرواية أن بين الحل والحرمة في المحل منافاة ومن ضرورة ثبوت الحرمة المؤبدة انتفاء الحل فالسبب لا يوجب الحكم إلا في محل قابل له ، وإذا لم يكن المحل قابلا للحل في حقه لا يثبت ملك الحل فكان فعله في معنى الزنا ، ولو وطئ مكاتبته لم يسقط به إحصانه عندنا ، وعند زفر رحمه الله ، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى يسقط ; لأن المكاتبة غير مملوكة له وطئا بدليل أنه يلزمه العقر بوطئها والوطء في غير الملك يسقط الإحصان ، ولأن المكاتبة مملوكة [ ص: 117 ] له رقا لا يدا فهي بمنزلة الأمة المشتركة ، ووطء المشتركة مسقط للإحصان ، ولكنا نقول : ملكه في المكاتبة قائم والحرمة بعارض على شرف الزوال فهو نظير الأمة المزوجة وبأن يلزمه العقر لا يدل على أنه يسقط به الإحصان كالزوجة

التالي السابق


الخدمات العلمية