الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا كله مع القدرة على الحركة؛ قال: ولو نشاء ؛ أي: أن نمسخهم؛ لمسخناهم ؛ أي: حولناهم إلى الجمادية؛ فأبطلنا منهم الحركة الإرادية؛ ولما كان المقصود المفاجأة بهذه المصائب؛ بيانا لأنه - سبحانه - لا كلفة عليه في شيء من ذلك؛ قال: على مكانتهم ؛ أي: المكان الذي كان قبل المسخ؛ كل شخص منه؛ شاغلا له بجلوس؛ أو قيام؛ أو غيره؛ في ذلك الموضع خاصة؛ قبل أن يتحرك منه؛ وهو معنى قراءة شعبة عن عاصم : "مكاناتهم"؛ ودل على أن المراد التحويل إلى أحوال الجمادية؛ بما سبب عن ذلك من قوله: فما استطاعوا ؛ أي: بأنفسهم؛ [ ص: 160 ] بنوع معالجة؛ مضيا ؛ أي: حركة؛ إلى جهة من الجهات; ثم عطف على جملة الشرط قوله: ولا يرجعون ؛ أي: يتجدد لهم بوجه من الوجوه رجوع إلى حالتهم التي كانت قبل المسخ؛ دلالة على أن هذه الأمور حق؛ لا كما يقولون من أنها خيال؛ وسحر؛ بل ثباتها لا يمكن أحدا من الخلق رفعه؛ ولا تغييره بنوع تغيير هذا المراد؛ إن شاء الله؛ ولو قيل: "ولا رجوعا" - كما قال بعضهم إنه المراد -؛ لم يفد هذا المعنى النفيس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية