الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن إلهكم ؛ أي: الذي اتخذتم من دونه آلهة؛ لواحد ؛ أي: فإن التفرق لا يأتي بخير؛ لما يصحبه من العجز البعيد جدا عن الكمال؛ الذي لا تكون الإلهية أصلا إلا معه؛ فإليه - لا إلى غيره - ترجعون؛ ليفصل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون؛ وهو الذي أنزل هذا الكتاب بعزته؛ ورحمته؛ وحرسه من اللبس؛ وغيره؛ بما سيذكر من كبريائه؛ وعظمته؛ ولو لم يكن واحدا لاختل أمر هذا الاصطفاف؛ والزجر؛ والتلاوة؛ وما يترتب عليها؛ فاختل نظام هذا الوجود؛ الذي نشاهده كما نشاهد في أحوال الممالك [ ص: 191 ] عند اختلاف الملوك؛ في تغيير العوائد؛ ونسخ الشرائع؛ التي كان من قبلها أطدها؛ وجميع ما له من الآثار والخصائص؛ ونحن نشاهد هذا الوجود على ما أحكمه - سبحانه وتعالى - لا يتغير شيء منه عن حاله الذي حده له؛ فعلمنا أنه واحد لا محالة؛ متفرد بالعظمة؛ لا كفؤ له من غير شك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تضمنت سورة "يـس"؛ من جليل التنبيه وعظيم الإرشاد؛ وما يهتدي الموفق باعتبار بعضه؛ ويشتغل المعتبر به في تحصيل مطلوبه وفرضه؛ ويشهد بأن الملك بجملته لواحد؛ وإن رغم أنف المعاند والجاحد؛ أتبعها (تعالى) بالقسم على وحدانيته؛ فقال (تعالى): والصافات ؛ الآية؛ إلى قوله (تعالى): إن إلهكم لواحد ؛ إلى قوله: ورب المشارق ؛ ثم عاد الكلام إلى التنبيه لعجيب مصنوعاته؛ فقال (تعالى): إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ؛ إلى قوله: شهاب ثاقب ؛ ثم أتبع بذكر عناد من جحد؛ مع بيان الأمر؛ ووضوحه؛ وضعف ما خلقوا منه: إنا خلقناهم من طين لازب ؛

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية