الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولا يصح السلم في حنطة مختلطة بشعير ولا في أدهان مطيبة بطيب نحو بنفسج وبان وورد بأن خالطها شيء من ذلك فإن روح سمسمها بالطيب المذكور واعتصر لم يضر كما مر في الربا ( والأصح ) ( صحته في المختلط ) بالصنعة ( المنضبط ) عند أهل تلك الصنعة المقصود الأركان كما بأصله ( كعتابي ) وهو مركب من قطن وحرير ( وخز ) وهو مركب من إبريسم ووبر أو صوف لسهولة ضبط كل جزء من هذه الأجزاء ، والأوجه أن المراد بالانضباط هنا معرفة المتعاقدين وزن كل من الأجزاء كما جرى على ذلك الأذرعي خلافا للسبكي لأن القيم والأغراض تتفاوت بذلك تفاوتا ظاهرا ، وعليه ينطبق قول الرافعي في الشرح الصغير لسهولة اختلاطها وأقدارها ( و ) في المختلط خلقة أو بغير مقصود غير أنه من مصلحته ، فمن الثاني نحو ( جبن وأقط ) وما فيهما من ملح وإنفحة من مصالحهما ( و ) من الأول نحو ( شهد ) بفتح الشين وضمها مركب من عسل النحل وشمعه خلقة فهو شبيه بالتمر وفيه النوى ( و ) من الثاني أيضا نحو ( خل تمر أو زبيب ) ولا يضر الماء لأنه من مصلحته ، فعلم أن جبن وما بعده معطوف على عتابي لفساد المعنى بل على المختلط كما تقرر ، ومقابل الأصح في السبعة ينفي الانضباط فيها قائلا بأن كلا من الحرير والملح [ ص: 202 ] والشمع والماء وغيره يقل ويكثر ، والسمك المملح كالجبن ، ويصح السلم في الزبد والسمن كاللبن ، ويشترط ذكر جنس حيوانه ونوعه ومأكوله من مرعى أو علف معين بنوعه ، ويذكر في السمن أنه جديد أو عتيق ، ولا يصح في حامض اللبن لأن حموضته عيب إلا في مخيض لا ماء فيه فيصح فيه ، ولا يضر وصفه بالحموضة لأنها مقصودة فيه ، واللبن المطلق يحمل على الحلو ولو جف ، ويذكر طراوة الزبد وضدها ، ويصح السلم في اللبن كيلا ووزنا ، ويوزن برغوته ولا يكال بها لأنها لا تؤثر في الميزان ، ويذكر نوع الجبن وبلده ورطوبته ويبسه الذي لا تغير فيه .

                                                                                                                            أما ما فيه تغير فلا يصح فيه لأنه معيب : وعليه يحمل منع الشافعي رضي الله تعالى عنه السلم في الجبن القديم ، والسمن يوزن ويكال وجامده الذي يتجافى في المكيال يوزن كالزبد واللبا المجفف وهو غير المطبوخ ، على أن الأصح صحته في المطبوخ كالمجفف كما دل على ذلك ميل الروضة ، وصححه في تصحيح التنبيه في كل ما دخلته نار لطيفة : أي مضبوطة .

                                                                                                                            أما غير المجفف فكاللبن ، وما نص عليه في الأم من صحة السلم في الزبد كيلا ووزنا محمول على ما لا يتجافى في المكيال ( لا ) ( الخبز ) فلا يصح السلم فيه ( في الأصح عند الأكثرين ) لاختلاف تأثير النار فيه فلا ينضبط ولأن ملحه يقل ويكثر : والثاني وصححه الإمام ومن تبعه وحكاه المزني عن النص الصحة لأن ناره مضبوطة والملح غير مقصود ، والأشبه كما قاله الأشموني إلحاق النيدة بالخبز .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : مختلطة بشعير ) أي وإن قل حيث اشترط خلطها بالشعير ، فإن اقتصر على ذكر البر ثم أحضره له مختلطا بشعير وجب قبوله إن قل الشعير بحيث لا يظهر به تفاوت بين الكيلين .

                                                                                                                            وبقي ما لو شرط عليه خلوه من الشعير وإن قل كواحدة هل يصح السلم أم يبطل لأنه يؤدي إلى عزة الوجود قياسا على لحم الصيد بموضع العزة ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني للعلة المذكورة : إلا أن يقال : إن هذا مما لا يعز وجوده ، وإن كان مختلطا فيمكن تنقية شعيره بحيث يصير خالصا خصوصا إذا كان قدرا يسيرا فلعل الصحة هي الأقرب ( قوله : وخز ) قال في المصباح : الخز اسم دابة ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها والجمع خزوز مثل فلوس ا هـ .

                                                                                                                            فقول الشارح : وهو مركب من إبريسم ووبر أو صوف لعله اصطلاح حادث ( قوله : معرفة المتعاقدين ) أي وعدلين فيما يظهر ( قوله : تفاوتا ظاهرا ) زاد حج : وعليه يظهر الاكتفاء بالظن ، والمراد الظن عند المتعاقدين ( قوله : نحو جبن ) أي غير عتيق كما يأتي ( قوله : كما تقرر ) زاد حج : وإن أريد بالمنضبط ما لا ينضبط مقصوده اختلط بمقصود أو لا كان الكل معطوفا على عتابي ا هـ .

                                                                                                                            وبه يوجه ما في شرح المنهج [ ص: 202 ] ا هـ ( قوله : والسمك المملح كالجبن ) قضية التنظير بالجبن أنه لا يصح في القديم منه ( قوله : ويصح السلم في الزبد ) قال سم على حج : فرع : أفتى شيخنا الشهاب الرملي بصحة السلم في القشطة ، ولا يضر اختلاطها بالنطرون لأنه من مصالحها ا هـ .

                                                                                                                            فهل يصح في المختلطة بدقيق الأرز ؟ فيه نظر ، ويحتمل الصحة مر انتهى .

                                                                                                                            ويحمل على المعتاد فيه من كل من النطرون والدقيق ( قوله : كالزبد واللبأ ) قال في شرح الروض : واللبأ بالهمز والقصر أول ما يحلب ، وغير المطبوخ منه يجوز السلم فيه قطعا انتهى سم على حج .

                                                                                                                            وفي المصباح : اللبأ مهموز وزان عنب أول اللبن عند الولادة : قال أبو زيد : وأكثر ما يكون ثلاث حلبات ، وأقله حلبة في النتاج ، وغير المطبوخ منه يجوز السلم فيه قطعا ا هـ سم على حج ( قوله : محمول على ما لا يتجافى في المكيال ) أي أما ما يتجافى فيه فيصح فيه وزنا لا كيلا ( قوله : كما قاله الأشموني ) نقله شيخنا الزيادي عن القمولي ( قوله : إلحاق النيدة ) وأما النيلة فيصح السلم فيها ما لم تخلط بالطين .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . ( قوله : بل على المختلط كما تقرر ) قد يقال : الذي تقرر أنه معطوف على وصف المختلط فالمختلط مسلط عليه كما قدره في كلامه ، على أن عطفه على المختلط يفيد أنه غير مختلط ، وظاهر أنه ليس كذلك [ ص: 202 ] قوله : ولا يضر وصفه بالحموضة إلخ ) انظره مع ما مر له عقب قول المصنف كهريسة




                                                                                                                            الخدمات العلمية