الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يحجر ) عليه ( بغير طلب ) من غرمائه أو من يخلفهم إذ هو لمصلحتهم وهم ناظرون لأنفسهم ، فإن كان الدين لمحجور عليه ولم يسأل وليه وجب على الحاكم الحجر من غير سؤال لأنه [ ص: 314 ] ناظر لمصلحته . ومثله ما لو كانت لمسجد أو لجهة عامة كالفقراء وكالمسلمين فيمن مات وورثوه وله مال على مفلس والدين مما يحجر به كما مر ، وقد احترز عنه بقوله بسؤال الغرماء واقتضى كلامه عدم الحجر لدين الغائبين لأنه لا يستوفي مالهم في الذمم لكن قيده الإسنوي كالفارقي بما إذا كان المديون ثقة مليا ، قال : وإلا لزم الحاكم قبضه قطعا ، ومحله إذا كان الحاكم أمينا وإلا لم يجز قطعا كما يعلم مما يأتي في الوديعة ، وكلام الأم يدل على أن الدين إذا كان به رهن يقبضه الحاكم أي بهذا القيد المذكور ( فلو ) ( طلب بعضهم ) الحجر ( ودينه قدر يحجر به ) بأن زاد على ماله ( حجر ) لتوفر شروط الحجر ولا يختص أثر الحجر بالملتمس بل يعمهم ( وإلا ) بأن لم يزد الدين على ماله ( فلا ) حجر لأن دينه يمكن وفاؤه بكماله فلا ضرورة إلى طلب الحجر ، وهذا هو المعتمد وإن جرى ابن المقري تبعا لما ذكره المصنف في زيادة الروضة وقال : إنه أقوى على اعتبار أن يزيد دين الجميع على ماله لا الملتمس فقط .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولم يسأل وليه ) أي وظهر منه .

                                                                                                                            [ ص: 314 ] تقصير في عدم الطلب وإلا جاز كذا نقله سم على منهج عن الشارح ( قوله : ومثله ما لو كان ) أي الدين لمسجد كأن ملك المسجد مكانا واستولى عليه المفلس : فتجمدت عليه أجرته أو نحوها ( قوله : وقد احترز عنه ) أي عن قوله ولا يحجر بغير إلخ ( قوله : لكن قيده الإسنوي إلخ ) قد يعارضه ما تقدم له في فصل إذا لزم الرهن بعد قول المصنف ولو طلب المرتهن بيعه فأبى الراهن إلخ من قوله وأفتى أيضا : يعني السبكي فيمن رهن عبدا بدين مؤجل وغاب رب الدين فأحضر الراهن المبلغ إلى الحاكم وطلب منه قبضه ليفك الرهن بأن له ذلك وهو كما قال انتهى ، وقضيته أنه لا فرق بين كون المديون موسرا أو لا ثقة أو لا ، وقد يقال ما هنا محله حيث لم يكن للمديون غرض إلا مجرد البراءة فلا يعارض ما مر ، إذ غرض الراهن فك الرهن لا مجرد البراءة ( قوله : وإلا لزم الحاكم ) أي حيث عرضه عليه ا هـ حج . وقضيته أنه ليس له البحث عن ديون الغائبين ليستوفيها . وقضية تعليلهم وجوب القبض بخوف الضياع خلافه فيبحث عنه ويقبضه بقيده الآتي قال الطحاوي : كان في الجاهلية الحر يباع في دينه إذا لم يكن له مال واستمر ذلك إلى أن نسخ بقوله { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } وقال بعضهم : لم ينسخ وإنما هو مستمر إلى الآن لأنه ورد أن شخصا من الصحابة كان عليه ديون فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فباعه في ديونه ، ورد بأن هذا الحديث ضعيف ، وقال بعضهم : باعه أي آجره ا هـ زواجر لحج

                                                                                                                            ( قوله : أي بهذا القيد المذكور ) قال حج وعن شارح جواز الحجر على غريم مفلس محجور عليه ميت من غير التماس نظرا لمصلحته أو حي التمس غرماؤه وإن لم يلتمس هو وعليه مع ما فيه لا ينافيه قولهم : لا يحلف غريم مفلس نكل وارثه ولا يدعي ابتداء لأن ما يجب فيه أمر تابع وهو يغتفر فيه ما لا يغتفر في المقصود من الحلف وابتداء الدعوى ، ثم ذكر بعد قول المصنف الآتي ولا يسلم مبيعا قبل قبض ثمنه ما نصه فرع : لا يجوز لغريم مفلس ولا ميت الدعوى على مدينه وإن ترك المفلس والوارث الدعوى عليه كما يعلم مما يأتي في الدعاوى ، وهو مخالف لما نقله عن الشارح السابق ، لكن ما نقله عن الشارح المذكور ألحقه بقوله وعليه مع ما فيه إلخ وذلك يشعر بتوقفه في ذاك . أقول : وقد يقال لا مخالفة بين ما ذكره في المحلين ، فإن ما تقدم عن الشارح المذكور فرضه في حجر القاضي من غير التماس لما فيه من المصلحة للميت وما هنا في الدعوى من الغرماء ، ولا يلزم من امتناع الدعوى من الغرماء امتناع حجر القاضي لأن فعل القاضي يبنى على ما فيه مصلحة لصاحب الدين أو المحجور عليه ، وما هنا يتوقف على ثبوت حق للغريم يسوغ بسببه الدعوى على غيره وهو منتف هنا ( قوله : بأن لم يزد الدين ) أي دين الطالب للحجر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . [ ص: 313 ] قوله : من غرمائه ) أي : المطلقين التصرف ، وقوله : أو من يخلفهم : أي وكلائهم ، أما المحجورون ومن في معناهم فلا يتوقف الحجر لهم على طلب كما يأتي ، وما حملت عليه المتن هو الذي حمله عليه الشراح ويدل عليه التعليل [ ص: 314 ] قوله : وقد احترز عنه ) أي عن قوله ولا يحجر بغير طلب .




                                                                                                                            الخدمات العلمية