الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( عليه ألفان ) مثلا ( بأحدهما رهن ) أو كفيل أو هو ثمن مبيع محبوس به والآخر خال عن ذلك ( فأدى ألفا وقال : أديته عن ألف الرهن ) أو نحوه مما ذكر ( صدق ) بيمينه لأنه أعلم بقصده وكيفية [ ص: 303 ] أدائه سواء اختلفا في نيته أم لفظه ، فالعبرة في جهة الأداء بقصد المؤدي حتى يبرأ بقصده الوفاء ويملكه المديون وإن ظن الدائن إيداعه ، وقضية ذلك أنه لا فرق بين أن يكون الدائن بحيث يجب على القبول وأن لا ، لكن بحث السبكي أن الصواب في الثانية أنه لا يدخل في ملكه إلا برضاه ، وظاهر أن مثل ذلك ما لو كان المدفوع من غير جنس الدين وقد يشمله كلام السبكي ، وكما أن العبرة في ذلك بقصده فكذا الخيرة إليه فيه ابتداء . نعم لو كان على المكاتب دين معاملة فأراد الأداء عن دين الكتابة والسيد الأداء عن دين المعاملة فيجاب السيد وتفارق غيرها مما ذكر بأن دين الكتابة فيها معوض للسقوط بخلاف غيرها ، وإنما اعتبر قصد المكاتب عند عدم التعرض للجهة لتقصير السيد بعدم التعيين ابتداء ( وإن لم ينو ) حالة الدفع ( شيئا جعله عما شاء ) منهما كما في زكاة المالين الحاضر [ ص: 304 ] والغائب ( وقيل : يسقط عليهما ) لانتفاء أولوية أحدهما على الآخر والتقسيط عليه بالسوية كما جزم به صاحب البيان وغيره ، وقيل على قدر الدينين ولو دفع المال عنهما قسط عليهما

                                                                                                                            ولو مات قبل التبيين قام وارثه مقامه كما أفتى به السبكي فيما إذا كان بأحدهما كفيل ، قال : فإن تعذر ذلك جعل بينهما نصفين ، وإذا عين فهل ينفك الرهن من وقت اللفظ أو التعيين ؟ الأوجه الأول . قال البلقيني : ولو باع نصيبه ونصيب غيره في عبد ثم قبض شيئا من الثمن فهل نقول : النظر إلى قصد الدافع وعند عدم قصده يجعله عما شاء ، أو نقول في هذه الصورة : القبض في أحد الجانبين غير صحيح فيطرقها عند الاختلاف دعوى الصحة والفساد وعند عدم القصد يظهر إجراء الحال على سداد القبض ويلغى الزائد ؟ لم أقف على نقل في ذلك ، وقد سئلت عن ذلك في وقف منه حصة لرجل ومنه حصة لبنته التي هي تحت حجره والنظر في حصته له وحصة بنته للحاكم وقبض شيئا من الأجرة كيف يعمل فيه ؟ وكتبت مقتضى المنقول وما أردفته به وهو حسن . ولو تبايع مشتركان درهما بدرهمين وسلم من التزم الزيادة درهما ثم أسلما فإن قصد بتسليمه الزيادة لزمه الأصل ، وإن قصد الأصل برئ ولا شيء عليه ، وإن قصدهما وزع عليهما وسقط باقي الزيادة ، ولو لم يقصد شيئا عنه لما شاء منهما .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : صدق بيمينه ) ومن ذلك ما لو اقترض شيئا ونذر [ ص: 303 ] أن للمقرض كذا ما دام المال في ذمته أو شيء منه ثم دفع له قدرا يفي بجميع المال وقال : قصدت به الأصل فسقط عني فلا يجب علي من النذر شيء من حين السقوط فيصدق ولو كان المدفوع من غير جنس الدين . ومقتضى ما يأتي عن السبكي أنه لا يمكنه الأخذ إلا بالرضا ، فحيث لم يرض به أو رده أو بدله للناذر بقي موجب النذر فيطالب به حتى يبرأ الناذر من الأصل ، والكلام كله حيث لم يقل وقت الدفع إنه عن النذر وإلا صدق الآخذ ، ويصرح به قوله : سواء اختلفا في نيته أو لفظه ( قوله : ويملكه المديون ) المناسب الدائن ( قوله : بحيث يجبر على القبول ) أي بأن كان المدفوع من جنس حقه ولا غرض له في الامتناع ( قوله : وإلا ) عكس ما ذكرناه ( قوله : أن الصواب في الثانية ) هي قوله : وأن لا ( قوله : أنه لا يدخل ) معتمد : أي ومع ذلك فالقول قول الدافع ، فعلى الآخذ رده إن بقي حيث لم يرض به وبدله إن تلف ( قوله : وظاهر أن مثل ذلك ) أي مثل ما ذكر من أنه لا يدخل في ملكه إلا برضاه ( قوله : وقد يشمله كلام السبكي ) لأن معنى قوله وأن لا صادق بما إذا كان عدم الإجبار لكون المدفوع من غير الجنس ولكونه أحضره بغير صفة الدين أو قبل وقت حلوله وللدائن غرض في الامتناع إلى غير ذلك ( قوله : عدم التعرض ) أي منه ( قوله : لتقصير السيد بعدم التعيين ) مقتضى ما تقدم عن السبكي أنه لا يدخل في ملك السيد إلا برضاه ، وعليه فلا يعتق العبد حيث لم يرض به السيد عن النجوم .

                                                                                                                            [ فرع ] علق طلاق زوجته على تزوجه عليها أو تسريه وإبرائها له من خمسة دراهم من صداقها مثلا ولم يتعرض لأنه من صداقها ، ولكن قصد ذلك اعتبر قصده وبرئ من صداقها حتى لو تزوج بعد ذلك أو تسرى وأبرأته من خمسة دراهم من صداقها لا يحنث لأنه لم يبق لها صداق تبرئ منه فلم يوجد المعلق عليه ، هذا إذا كان الذي دفعه من جنس الصداق ، فإن كان من غير جنسه وقصد به الدفع عنه اعتبر قصده لكن لا يبرأ بمجرد ذلك ، بل إن جرى بينهما تعويض صحيح أو تلف المدفوع في يدها وكانت قيمته من جنسه ووجدت شروط التقاص برئ أيضا وامتنع الحنث بالتزوج وإبرائها لما تقدم ، وإن لم يوجد تعويض صحيح ولا تلف المدفوع ولم توجد شروط التقاص فحقها باق ، فإذا تزوج أو تسرى أو أبرأته مما ذكر فإن كان ظانا أنه برئ مما جرى فلا حنث لأن شرطه الإقدام على المعلق عليه مع العلم بوجوده ، وإن كان عالما بعدم براءته حنث هكذا قرره : مر ا هـ سم على منهج [ ص: 304 ] أقول : قد يقال : الأقرب حنثه ببراءتها مطلقا لأن المعلق عليه البراءة لا التزوج ، وقد وجدت البراءة لبقاء الحق في ذمته لانتفاء شروط التقاص ( قوله : والتقسيط عليه ) أي الثاني ( قوله : قسط عليهما ) هل التقسيط عليه بالسوية أو لا ؟ الظاهر جريان الخلاف السابق وأن الراجح منه أنه على السوية ( قوله : من وقت اللفظ ) أي المفيد للأداء كقوله خذ هذا عن دينك وكان الأولى أن يقول من وقت الدفع ( قوله : فهل يقول إلخ ) معتمد ( قوله : إلى قصد الدفع ) هذا هو الأقرب ليعود صاحب الدين المقتضي لاعتبار قصد الدافع ( قوله : عند الاختلاف ) أي من الدافع والقابض كأن قال الأول : أطلقت والثاني : قصدتني ( قوله : على سداد القبض ) أي صحة القبض فيما يخصه بدليل قوله ويلغى الزائد ( قوله : وقد سئلت ) من كلام البلقيني ( قوله : عن ذلك ) أي عن نظير ذلك وهو دفع حصة من أجرة الموقوف ( قوله : مقتضى المنقول ) راجعه من الفتاوى .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 304 ] قوله : قسط عليهما ) أي : بالسوية لا بالقسط كما في شرح الروض .




                                                                                                                            الخدمات العلمية