الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا عمل الأجير ، ثم تلفت العين التي عمل عليها ، نظر ، إن لم يكن منفردا باليد ، بل عمل في ملك المستأجر ، أو في حضرته ، لم تسقط‌‌ أجرته . وإن كان منفردا باليد ، بأن سلم الثوب إلى قصار فقصره ، ثم تلف عنده ، بني على الخلاف السابق في باب التفليس ، أن القصارة عين ، أم أثر ؟ فإن قلنا : أثر ، لم تسقط الأجرة ، ثم إن ضمنا الأجير ، فعليه قيمة ثوب مقصور ، وإلا ، فلا شيء عليه . وإن قلنا : عين ، سقطت أجرته وعليه قيمة ثوب غير مقصور إن ضمنا الأجير أو وجد منه تعد ، وإلا ، فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                        وإن أتلف أجنبي الثوب المقصور ، فإن قلنا : القصارة أثر ، فللأجير الأجرة ، وعلى الأجنبي القيمة . ثم المستأجر على قول تضمين الأجير ، يتخير بين مطالبة الأجير والأجنبي ، والقرار على الأجنبي . وإن قلنا : عين ، جاء الخلاف فيما إذا أتلف أجنبي المبيع قبل القبض . فإن قلنا : ينفسخ العقد ، فهو كما لو تلف ، وإلا ، فللمستأجر الخيار في فسخ الإجارة وإجازتها . فإن أجاز ولم يضمن الأجير ، استقرت [ له ] الأجرة ، والمستأجر يغرم الأجنبي قيمة ثوب مقصور .

                                                                                                                                                                        وإن ضمناه ، فالمستأجر بالخيار ، إن شاء ضمن الأجنبي قيمة ثوب مقصور ، وإن شاء ضمن الأجنبي قيمة القصارة ، والأجير قيمة ثوب غير مقصور ، ثم الأجير يرجع على الأجنبي . وإن فسخ الإجارة ، فلا أجرة عليه ويغرم الأجنبي قيمة ثوب غير مقصور . وإن ضمنا الأجير ، غرم القيمة من شاء منهما ، والقرار على الأجنبي ويغرم الأجنبي الأجير قيمة القصارة .

                                                                                                                                                                        ولو أتلف الأجير الثوب ، فإن قلنا : القصارة أثر ، فله الأجرة ، وعليه قيمة ثوب مقصور . وإن قلنا : عين ، جاء الخلاف في أن إتلاف البائع كالآفة السماوية ، أم كإتلاف الأجنبي ؟ إن قلنا : كالآفة ، فالحكم ما سبق . وإن قلنا : كالأجنبي ، وأثبتنا للمستأجر الخيار ، فإن فسخ الإجارة ، سقطت الأجرة وعلى الأجير قيمة ثوب غير مقصور .

                                                                                                                                                                        [ ص: 232 ] وإن أجازها ، استقرت الأجرة ، وعليه قيمة ثوب مقصور . وصبغ الثوب بصبغ صاحب الثوب كالقصار . وإن استأجره ليصبغ بصبغ من عنده ، قال المتولي : هو جمع بين البيع والإجارة ، ففيه الخلاف المعروف . وسواء صح ، أم لم يصح ، فإذا هلك الثوب عنده ، سقطت قيمة الصبغ . وسقوط الأجرة على ما ذكرنا في القصارة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        سلم ثوبا إلى قصار ليقصره ، فجحده ثم أتى به مقصورا ، استحق الأجرة إن قصره ثم جحد ، [ وإن جحد ] ثم قصره ، فوجهان ، لأنه عمل لنفسه .

                                                                                                                                                                        قلت : ينبغي أن يكون أصحهما : الفرق بين أن يقصد بعمله لنفسه فلا أجرة ، أو يقصد عمله عن الإجارة الواجبة فيستحق الأجرة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية