الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا اشترى الشقص بعبد مثلا وتقابضا ، ثم وجد البائع بالعبد عيبا ، وأراد رده واسترداد الشقص ، وطلب الشفيع الشقص ، ففي المقدم منهما خلاف سبق قريبا . وحكى الإمام طريقا جازما بتقديم البائع . ولو علم عيب العبد بعد أخذ الشفيع الشقص لم ينقض ملك الشفيع ، كما لو باع ثم اطلع على عيب . وفي قول : يسترد المشتري الشقص من الشفيع ، ويرد عليه ما أخذه ، ويسلم الشقص إلى البائع ، لأن الشفيع نازل منزلة المشتري ، فرد البائع يتضمن نقض ملكه كما يتضمن نقض ملك المشتري لو كان في ملكه ، والمشهور هو الأول . فإذا قلنا به ، أخذ البائع قيمة الشقص من المشتري . فإن كانت مثل قيمة العبد فذاك ، وإلا ففي رجوع من بذل الزيادة على صاحبه وجهان . أصحهما : لا رجوع ، لأن الشفيع ملكه بالمبذول ، فلا يتغير حكمه . ولو عاد الشقص إلى ملك المشتري بابتياع أو غيره ، لم يتمكن البائع من إجباره على رد الشقص ، ولا المشتري من إجبار البائع على القبول ورد القيمة ، بخلاف ما إذا [ ص: 91 ] غرم قيمة المغصوب لإباقه ، فرجع ، لأن ملك المغصوب منه لم يزل وملك المشتري قد زال .

                                                                                                                                                                        وحكى المتولي فيه وجهين بناء على أن الزائل العائد كالذي لم يزل ، أم كالذي لم يعد ؟ والمذهب : الأول . ولو وجد البائع العيب بالعبد ، وقد حدث عنده عيب ، فأخذ الأرش لامتناع الرد ، نظر ، إن أخذ الشفيع الشقص بقيمة العبد سليما ، فلا رجوع عليه . وإن أخذه بقيمته معيبا ، ففي رجوع المشتري على الشفيع الوجهان السابقان في التراجع . لكن الأصح هنا : الرجوع ، ومال ابن الصباغ إلى القطع به ، لأن الشقص استقر عليه بالعبد والأرش ، ووجوب الأرش من مقتضى العقد ، لاقتضائه السلامة . ولو رضي البائع ولم يرده ، ففيما يجب على الشفيع وجهان . أحدهما : قيمة العبد سليما . والثاني : قيمته معيبا . حتى لو بذل قيمة السليم ، استرد قسط السلامة من المشتري ، وبالأول قطع البغوي ، وغلط الإمام قائله .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        للمشتري رد الشقص بالعيب على البائع ، وللشفيع رده على المشتري بالعيوب السابقة على البيع وعلى الأخذ . ثم لو وجد المشتري العيب بعد أخذ الشفيع ، فلا رد في الحال ، ولا أرش له على المذهب . ويجيء فيه الخلاف السابق فيما إذا باعه . فلو رد عليه الشفيع بالعيب ، رده حينئذ على البائع . ولو وجد المشتري عيب الشقص قبل أخذ الشفيع ، ومنعه عيب حادث من الرد ، فأخذ أرش العيب القديم ، حط ذلك عن الشفيع . وإن قدر على الرد ، لكن توافقا على الأرش ، ففي صحة هذه المصالحة وجهان سبقا . فإن صححناها ، ففي حطه عن الشفيع وجهان . أصحهما : الحط . والثاني : لا ، لأنه تبرع من البائع . [ ص: 92 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية