الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعت إليك فأنا بريء فدفعه إليه فهو بريء ) لأنه موجب التصرف فيثبت بدون التنصيص عليه ، ولا يشترط قبول الطالب التسليم كما في قضاء الدين ، ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته صح لأنه مطالب بالخصومة فكان له ولاية الدفع ، [ ص: 172 ] وكذا إذا سلمه إليه وكيل الكفيل أو رسوله لقيامهما مقامه .

التالي السابق


( قوله ومن كفل بنفس آخر ولم يقل إذا دفعته إليك أنا بريء فدفعه إليه فهو بريء لأنه ) أي دفع المطلوب هو ( موجب التصرف ) يعني الكفالة فلا يحتاج في ثبوته إلى التنصيص عليه كالملك موجب البيع فيثبت عنده من غير أن يشترط ، والتحقيق أن موجب الكفالة وجوب الدفع عند المطالبة وجوازه عند عدمها والبراءة موجب الدفع فكانت حكم متعلق موجب الكفالة ، فإذا وجد وجدت وقد وجد ، إذ قد فرض الدفع فتثبت من غير حاجة إلى اشتراطها .

وقوله ( كما في قضاء الدين ) يعني إذا سلم المديون الدين للدائن ولا مانع من القبض بريء ، وإن لم يقبضه كالغاصب إذا رد المغصوب على المالك يبرأ مع أنه جان فهاهنا أولى ، والبائع إذا سلم المبيع إلى المشتري قال الفقيه أبو الليث : إنما ذكر هذا لدفع توهم أنه يلزم الكفيل تسليمه مرة بعد مرة إلى أن يستوفي حقه ; لأن الكفالة ما أريدت إلا للتوثق لاستيفاء الحق فما لم يستوفه يجب عليه تسليمه إلى أن يستوفيه فأزال هذا الوهم ببيان أن عقد الكفالة يوجب التسليم مرة لا بقيد التكرار ( قوله ولو سلم المكفول به نفسه من كفالته ) أي من كفالة الكفيل وذلك بأن يقول : سلمت نفسي أو دفعت نفسي إليك من كفالة فلان ( صح ) عن كفالته فيبرأ الكفيل بذلك .

قال شمس الأئمة : لا نعلم فيه خلافا . قال المصنف ( لأنه ) أي المكفول ( مطالب بالخصومة ) وفي بعض النسخ مطالب بالحضور : يعني إذا طالب الكفيل فكان [ ص: 172 ] بتسليمه نفسه على هذا الوجه مسقطا ذلك عن نفسه إذا طالبه بمعجل الدين الذي عليه فلا يكون متبرعا كالمحيل إذا قضى الدين بنفسه يصح قبل الطالب أو لم يقبله ( وكذا إذا سلمه رسول الكفيل أو وكيله لقيامهما مقامه ) يعني إذا قال : سلمت إليك نفسه عن الكفيل ، بخلاف ما إذا لم يقل ذلك بل سلم نفسه ولم يزد على ذلك أو سلمه الوكيل ولم يقل ما ذكرنا لا يبرأ الكفيل ، ولو سلمه أجنبي لا بأمر الكفيل عن الكفيل لا يبرأ الكفيل بذلك إلا أن يقبله الطالب فيبرأ الكفيل حينئذ ، بخلاف ما لو سكت الطالب فلم يقل شيئا لا يبرأ




الخدمات العلمية